للمقصد طريقان يمر أحدهما به، فهل يضر ذلك بثبوت القصر أو لا؟ وجهان.
وربما يقرب الثاني بوجهين:
1 - أن هذا الشخص عازم على السفر ثمانية فراسخ وجدانا، ولا مانع عن تأثيره في ثبوت القصر، إذ المانع عنه تحقق إحدى القواطع خارجا، حيث إن القاطعية من آثار الوجود الخارجي لكل منها، ولا أثر للتردد في تحققها، فيجب القصر.
2 - أنه إذا عزم على الثمانية من غير احتمال لعروض القاطع ثم بعد طي أربعة منها مثلا اتفق له شغل يحتمل لأجله البقاء ثلاثين يوما مترددا فهل يمكن القول حينئذ بعوده إلى التمام بصرف طروء هذا الاحتمال؟ مع أن مقتضى القول بكون الاحتمال من أول الأمر مضرا كون طروءه في الأثناء أيضا مضرا، إذ العزم كيفما كان يجب أن يكون مستمرا إلى آخر الثمانية.
أقول: وفيما ذكر نظر، إذ الموضوع للقصر ليس مطلق العزم على الثمانية، بل العزم على سفر واحد يكون بهذا المقدار. ومن يحتمل طروء إحدى القواطع في الأثناء وإن كان عازما على طي الثمانية لكنه لا يعزم على طيها في سفر واحد، إذ يحتمل أن يكون طيها في سفرين مستقلين تخلل بينهما إحدى القواطع، فليس عازما على ما هو موضوع القصر.
والسر في ذلك هو ما ذكرناه سابقا من صيرورة القاطع ولا سيما المرور بالوطن موجبا لانقطاع السفر اللاحق عن السابق بالكلية وصيرورتهما فردين للسفر حقيقة أو تعبدا.
فالحق كما عليه الأكثر من مقاربي عصرنا (1) أن المعتبر في القصر هو العزم على ثمانية غير منقطعة بإحدى القواطع، ومع الترديد لا يحصل هذا العزم، فتدبر.