حكم المرور بالضيعة، ولبعضها محامل أخر، كما لا يخفى على المتأمل. واللازم في كل مسألة تشخيص المواد العاملة، أعني الأخبار المرتبطة بها وتمييزها من غيرها حتى لا يختلط الأمر ولا يشتبه على الطالب، وقد عرفت أن ما يرتبط بمسألتنا هذه تسعة، وقد قسمناها إلى أربع طوائف، وأشرنا إلى وجه الجمع بينها، وبقي الإشكال في الأمر الزائد الذي يشتمل عليه الأخيرة، أعني تفسير الاستيطان، فانتظر لبيانه.
إشكالان وتفصيان الأول: قد يتوهم أن بين الطائفة الثانية والثالثة عموما من وجه، لدلالة الثانية على وجوب القصر على من لم يرد المقام عشرة أيام في ضيعته ووجوب الإتمام على من أراده، تحقق الاستيطان أم لم يتحقق، ودلالة الثالثة على وجوب القصر على من لم يستوطن فيها، ووجوب الإتمام على من استوطن أقام فيها أم لم يقم. فإذا قيدنا كلا من الطائفتين بالأخرى كان مقتضاه وجوب الإتمام على المستوطن المقيم والقصر على من فقد الوصفين، وبقي حكم المقيم فقط والمستوطن فقط غير مبين. ولازم ذلك كون المار بضيعته أسوء حالا من غيره، لكفاية الإقامة فقط في إيجاب الإتمام بالنسبة إلى غيره بلا إشكال. ثم إن الالتزام بإطلاق الطائفة الثالثة وطرح الثانية أشكل، لاستلزامه عدم كون الإقامة ذات حكم أصلا، فيبقى الالتزام بإطلاق الطائفة الثانية وطرح الثالثة رأسا، فيكون الحكم دائرا مدار الإقامة وعدمها، ولا أثر للاستيطان أصلا.
أقول: هذا إشكال غريب واضح الفساد، بداهة أن أخبار الإقامة ليست بصدد بيان حكمين: إيجاب إقامة العشرة للإتمام وإيجاب إقامة الأقل للقصر، بل تتضمن حكما واحدا وهو ثبوت الإتمام لمن أقام العشرة، وأما القصر فهو مما يقتضيه نفس طبيعة السفر لا إقامة الأقل. وكذلك الأخبار الواردة في المرور بالمنزل ليست إلا بصدد