ففي المقام أيضا مجموع الذهاب والإياب يعد سفرا واحدا ذا غاية واحدة محرمة، ولكن بعد ما تخللت التوبة صارت سببا لتلافي السابق، وإذا خرج السابق بسبب التوبة من كونه عصيانا فاللاحق الذي هو من توابعه يخرج من كونه كذلك بطريق أولى. بل الحكم فيما نحن فيه أوضح من تلك المسألة، حيث إن الحركة الخروجية في تلك المسألة كانت بنفسها محرمة غاية الأمر ارتفاع فعليتها بسبب الاضطرار، وهذا بخلاف الرجوع في المقام، فإنه ليس بنفسه معصية ولا واقعا في طريقها غاية الأمر كونه من توابع الذهاب عرفا. فعصيانه إنما هو من جهة تبعيته للذهاب، والمفروض ارتفاع عصيان الذهاب بالتوبة.
ومما ذكر في توجيه الوجوه الثلاثة يظهر تقريب الوجه الرابع أيضا. والأظهر من هذه الوجوه الأربعة هو الوجه الثالث، فتدبر، جيدا.
إذا كانت غاية السفر ملفقة المسألة الرابعة: لو كانت غاية السفر ملفقة من الطاعة والمعصية فإما أن يكون إحداهما مقصودة بالاستقلال والأخرى مقصودة بالتبع، بحيث لا يستند السفر إليها، وإما أن يكون كل منهما جزء من العلة بحيث يستند السفر إليهما معا.
لا إشكال في الأول، إذا الحكم يدور مدار كون السفر في معصية أولا؛ وصدق ذلك يدور مدار الغاية المستقلة.
وأما الثاني فربما يتوهم كونه مشمولا لعمومات أدلة القصر في البريدين، إذ غاية ما خرج منها صورة كون السفر في طريق المعصية بحيث يعد فانيا فيها، وهذا إنما يكون فيما إذا كانت الغاية منحصرة في المعصية. هذا.
ولكن الظاهر عندنا كونه مشمولا لأدلة الإتمام في المقام، إذ يصدق عليه أنه مسير باطل وأن هذا المسافر لا يستحق الإرفاق ولا كرامة في سفره.