البحث في مقامين الأول: هل يعتبر في المسافة التلفيقية عدم كون الذهاب أقل من أربعة أو لا؟
وعلى فرض الاعتبار فهل يعتبر ذلك في الإياب أيضا أو لا؟ مثلا لو كان لبلد طريقان أحدهما خمسة والآخر ثلاثة فذهب من أحدهما ورجع من الآخر فهل يثبت القصر مطلقا، أو يعتبر في ثبوته كون الذهاب من أبعد الطريقين؟
ولو تردد في فرسخين أربع مرات بالذهاب والإياب حتى حصل الثمانية فهل يكفي ذلك في ثبوت القصر أو لا يكفي؟
الثاني: هل يشترط في التلفيقية أن يتحقق الذهاب والإياب في يوم واحد أو لا؟
وبعبارة أخرى: هل يشترط فيها كون الرجوع ليومه أو لا؟
اعتبار عدم كون الذهاب أقل من أربعة أما المقام الأول فالحق فيه هو الاعتبار في جانب الذهاب دون الإياب، فيعتبر في الذهاب عدم كونه أقل من أربعة. والسر في ذلك أن أخبار الثمانية كانت ظاهرة في بيان المسافة الامتدادية الحاصلة بين المبدأ والمقصد وأن أقلها ثمانية، وأخبار الأربعة كانت ظاهرة في أن أقلها أربعة فتعارضتا جدا، وقد رفعنا اليد عن ظاهر كل منهما بسبب أخبار التلفيق. والواجب في رفع اليد عن ظهورهما هو الاقتصار على قدر ما يقتضيه الطائفة الثالثة، إذ لا يجوز رفع اليد عن الظهورات إلا بقدر المزاحمات.
إذا عرفت هذا فنقول: إن أخبار الثمانية كانت ظاهرة في أمرين: أحدهما أن السير الذي يتحقق به السفر الموجب للقصر يجب أن يكون بمقدار ثمانية فراسخ. ثانيهما أنه لا بد أن يكون ذلك على نحو الامتداد بحيث يحصل به البعد عن مبدأ السير. وبعبارة أخرى: يجب أن يكون البعد عن المبدأ أيضا بمقدار الثمانية.