بداهة أن الأربعة أقل المسافة المعتبرة. وبعبارة أخرى: المستفاد من أخبار الأربعة بضميمة أخبار التلفيق هو أن الأربعة أدنى البعد المعتبر في المسافة التلفيقية لا أن الزائد عليها غير مؤثر في القصر ويكون كالحجر الموضوع في جنب الإنسان.
وقد تلخص مما ذكرناه أن المستفاد من أخبار الطائفة الثانية هو أن الأربعة أدنى البعد والامتداد المعتبر في ثبوت القصر، ولا تزاحمها في ذلك أخبار التلفيق، فيجب الأخذ به. وأما ذكر الأربعة في طرف الإياب فمن جهة أنها الفرد الغالب لما إذا تحقق أدنى البعد المعتبر. فتدبر في أخبار الطائفة الثانية والثالثة حتى يتضح لك صحة ما ذكرناه. ومما له ظهور تام في كون الأربعة هي أدني البعد المعتبر خبر فضل بن شاذان (الثاني من الطائفة الثالثة)، فراجع.
هل المعتبر في الملفقة الرجوع ليومه؟
المقام الثاني: قد عرفت أن أخبار الثمانية والأربعة وإن تعارضتا لكن أخبار التلفيق رافعة لتعارضهما، فيكون المستفاد من الجميع أن المسافة التي توجب القصر أعم من الثمانية الممتدة والثمانية الملفقة.
وحينئذ فنقول: إنه لا إشكال في أن الثمانية الامتدادية لا يشترط فيها طيها في يوم واحد، بل توجب القصر وإن تحقق طيها في أيام عديدة ما لم يخرج عن صدق اسم السفر. وأخبارها أعني الطائفة الأولى وإن لم تكن صريحة في عدم الاشتراط بل غاية ما فيها هو الإطلاق لكن المسألة إجماعية.
وأما التلفيقية فهل يشترط فيها تحققها في يوم واحد، بأن يكون الرجوع ليومه، أولا يشترط فيها ذلك؟
في المسألة قولان: فالمشهور بين أصحابنا اعتبار كون الرجوع ليومه، فإن لم يرجع ليومه حكم بعضهم بالتخيير والباقون بتعين الإتمام.