يقطعون دائما بكونها مطابقة للمسافة الشرعية الواقعية، بل غاية ما يستفاد منها هو الظن، لاحتمال الزيادة والنقصان فيها. فيعلم من ذلك أن في إحراز المسافة الواقعية لا يجب تحصيل العلم بل يجوز الاعتماد على الظن، سواء حصل بمسيرة اليوم، أو بالمرور على أربعة عشرين ميلا من الأميال المنصوبة من قبل السلاطين، أو بالتجاوز عن ثمانية فراسخ، أو بريدين، أو بغير ذلك من الأمور المورثة للظن، فتدبر.
وبهذا البيان يظهر وجه حجية الشياع أيضا في المقام وإن لم يورث العلم.
وإن أبيت عن حجية الظن في المقام كان المرجع عند عدم حصول العلم وما بحكمه أصالة التمام كما مر بيانها.
وربما يقال: إن الظن الاطميناني أيضا ملحق بالعلم، لكونه من أفراده عرفا.
وفيه أنه ليس في أدلتنا لفظ العلم حتى يقال بوجوب الرجوع إلى العرف والعادة في تشخيص مصاديقه، بل الاعتماد عليه من جهة حجتيه الذاتية غير القابلة للجعل.
وهذا المعنى إنما يثبت لنفس العلم واليقين فقط.
اللهم إلا ان يقال باستمرار السيرة على العمل بهذا القبيل من الظن المتاخم للعلم، فيكون ذلك دليلا على حجيته وجواز الاعتماد عليه وإن لم يكن من أفراد العلم.
حكم الفحص عند الشك في المسافة المسألة الرابعة: إذا شك في أن الطريق المقصود بمقدار المسافة أو لا، ولم يكن في البين أمارة، فهل يرجع إلى أصالة التمام من دون فحص، أو يجب الفحص ومع اليأس يرجع إليها، أو يفصل بين ما إذا كان الفحص مستلزما للحرج وبين غيره؟ في المسألة وجوه.
ولا يخفى أن الشبهة في المقام شبهة موضوعية وجوبية، وأن الشك في المكلف به لا التكليف، للعلم إجمالا بوجوب القصر أو الإتمام، غاية الأمر كون الإتمام موردا