تذنيبان الأول:
في بيان وجه الإفتاء بكون الفقهاء مأذونين في إقامة الجمعة قد عرفت أن الشيخ (قده) أفتى في بعض كتبه بكون الفقهاء في عصر الغيبة مأذونين في إقامة الجمعة. وربما أفتى أيضا بأنه يجوز للمؤمنين أن يجتمعوا فيصلوا جمعة بخطبتين.
والظاهر أنه المتفرد بالفتويين من بين القدماء من أصحابنا. وتبين لك بما ذكرناه أن الأخبار التي يستدل بها على الترخيص، في دلالتها عليه إشكال. وقد أشار (قده) في الخلاف إلى أن فتواه بكون المؤمنين مأذونين مستند إلى أخبار القرايا. ومر منا الإشكال في دلالتها.
فيبقى حينئذ وجه الإفتاء بكون الفقهاء مأذونين. ولعله (قده) استفاد ذلك من أدلة ولاية الفقيه وحكومته. بتقريب أن جعل الحكومة له إذن له في أن يتصدى جميع وظائف الحكام ومنها إقامة الجمعة، فإنها كما عرفت كانت في عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الخلفاء الراشدين وغيرهم من الوظائف والمناصب لزعماء المسلمين حكامهم، وكان هذا المعنى مركوزا في أذهان جميع المسلمين حتى أصحاب الأئمة (عليهم السلام)،