التفكيك والتفرقة بين الصلاة والصوم كما هو واضح لا يخفى. وبالجملة لا يبقى شك في أن فتوى هؤلاء الأعاظم في هذه المسألة المخالفة للاعتبارات والقواعد يكشف كشفا قطعيا عن وجود نص واصل إليهم يدل عليها، وأنه كان حجة لديهم قابلا للاعتماد عليه. فالإفتاء بخلافهم مشكل. كيف! واعتمادنا في باب جرح الرواة وتعديلهم ليس إلا على هؤلاء الأعاظم " قدهم "، فكيف يمكن مخالفتهم في مثل هذه المسألة؟! ألا ترى أن ابن إدريس مع تصلبه في إنكار حجية خبر الواحد قد وافقهم في هذه المسألة ونسبها إلى الإجماع، فيستكشف بذلك وضوح الحكم لديهم بحيث لم يكن قابلا للإنكار.
فإن قلت: لو كان في المسألة نص فلم لم يودعوها في جوامعهم؟
قلت: قد أشرنا مرارا إلى أن بناء مثل الكليني والشيخ والصدوق " قدهم " لم يكن على إيداع جميع ما وجدوه في الجوامع الأولية في جوامعهم التي بأيدينا، ولعل المتتبع في فقه الشيعة الإمامية يعثر على أكثر من خمسمأة مسألة أفتى فيها المشايخ طرا بفتوى يستكشف بسببها وجود النص فيها مع عدم كونه مذكورا في جوامعهم التي ألفوها لضبط الأحاديث.
ويشهد لذلك وجود أخبار كثيرة في جامع مع عدم ذكرها في جامع آخر. ولعل الوجه في ذلك أن بناءهم لم يكن على نقل جميع ما يجدونه في الجوامع الأولية، بل على نقل خصوص ما كان لهم طريق مسلسل إلى رواتها.
وبالجملة لا ينبغي لأحد أن يرتاب في أن الجوامع الأولية التي ألفها الطبقة السادسة من أصحابنا كانت مشتملة على أخبار كثيرة لم يودعها المشايخ الثلاثة في الجوامع الأربعة التي بأيدينا. (1)