قلت: قد عرفت أن الثابت في حق الحاضر والمسافر أمر واحد، وهو قوله تعالى:
(أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) (1) مثلا، وكل واحد منهما أيضا بصدد امتثال هذا الأمر، غاية الأمر أن مصداق الصلاة بالنسبة إليهما مختلف، فالجاهل في المقام أيضا لم يقصد إلا امتثال الأمر المتعلق بطبيعة صلاة الظهر مثلا، إلا أنه تخيل بسبب جهله أن مجموع الأربع يقع مصداقا لهذه الطبيعة، مع كون مصداقها بالنسبة إليه ركعتين، وهذا الاشتباه لا يضر بقصد امتثال الأمر.
فإن قلت: مقتضى ما ذكرت وقوع صلاة العالم العامد أيضا صحيحة إذا أتم في موضع القصر.
قلت: من الممكن أن يكون ازدياد الركعتين عن علم وعمد سببا لانطباق عنوان قبيح على الركعتين الأوليين، وباعتبار انطباق هذا العنوان تخرج الركعتان من صلاحية وقوعهما مصداقا للمأمور به، ولا يكون هذا العنوان القبيح منطبقا على صلاة الجاهل، وقد ورد أن إسقاط الركعتين في السفر صدقة من الله تعالى على عباده، فلعل العنوان القبيح المنطبق على عمل العالم في المقام الموجب لفساده هو رد صدقة الله وإظهار عدم الاعتناء بفضله بسبب هذا العمل، وهذا المعنى غير متحقق فيمن جهل بوجوب القصر عليه كما لا يخفى.
هذه خلاصة ما ربما يحتمل في دفع الإشكال العقلي الوارد في المقام.
وأما الأجوبة التي ذكرها الشيخ (قده) فبعضها مما ينافي مبانيه القطعية، مضافا إلى الاعتراضات الواردة عليها، فتدبر.
حكم ما إذا قصر الجاهل من باب الاتفاق مسألة: إذا قصر الجاهل بوجوب القصر من باب الاتفاق، بأن سلم على الثانية