المسافة إن كان في الجهة المقابلة للمقصد النهائي، أعني الوطن أو ما بحكمه أو كان قريبا منها وكان محل الإقامة واقعة بينهما بحيث يعد سفره من المقصد عودا منه إلى الوطن وما بحكمه، وجب القصر في مجموع الإياب، وإن لم يكن كذلك، بل كان المقصد الذي خرج إليه من محل الإقامة في طريق الوطن أو قريبا من طريقه بحيث يصير بالخروج إلى هذا المقصد قريبا من وطنه وبالعود منه إلى محل الإقامة بعيدا عنه، فلا يقصر حينئذ في العود إلى محل الإقامة، إذ لا يعد العود إليه في هذه الصورة عودا إلى الوطن لكونه مبعدا عنه. (1) ويرد عليه أن هذا التفصيل مبني على كون المراد بالامتداد ما يكون بصورة الخط المستقيم أو ما يقرب منه، وقد عرفت فساده. فالمسافة وإن كانت اعوجاجية بحيث يكون بعضها إلى جهة المقصود وبعضها إلى الجهة المقابلة تكون امتدادية ما لم تلتئم من الذهاب من حضر والإياب إليه بعينه. وبالجملة أخبار الثمانية لا تختص بخصوص ما يكون بصورة الخط المستقيم وما يقرب منه، بل تشمل جميع المسافات الواقعة بين حضرين أو ما بحكمهما.
الثاني: ما اختاره بعض متأخري المتأخرين (2) من التفصيل بين ما إذا أعرض عن محل الإقامة بالكلية وخرج منه برحله ومتاعه وكان مروره به ثانيا من جهة أنه منزل من منازله في سفره الجديد، وبين ما إذا لم يعرض عنه بل كان رحله ومتاعه باقيا فيه وله فيه بعد شأن أو شؤون، غاية الأمر أنه خرج منه إلى ما دون المسافة لغرض موقت وبعد حصول الغرض يعود إلى محل الإقامة بما أنه مقره ومنه ينشئ السفر إلى بلده بعد ما فرغ من شؤونه. ففي الصورة الأولى يقصر في الإياب مطلقا، أما في الثانية فلا يقصر إلا بعد الخروج من محل الإقامة ثانيا، إذ لا يعد خروجه من محل الإقامة