القصر إذا كان الذهاب بنفسه أو الإياب بنفسه ثمانية.
فإن قلت: أخبار الثمانية ظاهرة في الامتدادية، والمسافة فيما نحن فيه ليست امتدادية وإن لم تشملها أخبار التلفيق أيضا.
قلت: ليس معنى الامتداد هنا ما يكون بصورة الخط المستقيم أو ما يقرب منه، فإذا فرض عزم المسافر على طي ثمانية نصفها من الجنوب إلى الشمال ونصفها من المشرق إلى المغرب مثلا كان سفره امتداديا قطعا ويكون جميعه ذهابا. وكذا إذا خرج من وطنه بقصد المرور على مقصد ثم الخروج منه إلى مقصد آخر وكان يستلزم خروجه من المقصد الأول إلى الثاني القرب من حد ترخص الوطن. وكذا إذا قصد مسافة تكون بصورة الخط المنحني وإن كان كثير الانحناء، أو نحو ذلك من الفروض.
فالمراد بالمسافة الامتدادية ما تكون واقعة بين حضرين وما بحكمهما في مقابل ما تكون ملتئمة من الذهاب من حضر والعود اليه بعينه.
وبالجملة لو كان لنا إجماع أو دليل دال على عنوان أن الذهاب لا ينضم إلى الإياب إلا إذا كان أربعة لكان لما ذكره الشهيد ومتابعوه وجه، ولكن لا دليل لنا على هذا العنوان؛ وإنما استظهرنا من أخبار التلفيق اعتبار كون الذهاب أربعة في الثمانية الملفقة، وهي عبارة عن كون المسافة ملتئمة من الذهاب من حضر والإياب إليه، ما نحن فيه ليس من هذا القبيل، فإن الشخص بخروجه من محل إقامته يصير مسافرا قاصدا للثمانية، ويخرج محل إقامته أيضا من الحضرية، فليس عوده إليه عودا إلى الحضر، ولا يخرجه المرور به من عنوان المسافرة ما لم يصل إلى المقصد النهائي الذي توطنه أو عزم على الإقامة فيه. فمسافته هذه تكون بأجمعها مسافة ذهابية واقعة بين محل الإقامة وبين المقصد النهائي، غاية الأمر كونها بنحو الاعوجاج.
ونظير المقام أيضا ما إذا خرج من دون العزم على الثمانية، وبعد طي ثمانية فراسخ مثلا بنحو التردد عزم على أن يذهب فرسخين ثم يعود إلى وطنه الذي أنشأ منه السفر مارا في عوده على المحل الذي عزم فيه، فتدبر.