ويمكن أن يقال بعدم ارتباط هذه الرواية بباب السفر، بل يكون مفاده أن الرجل المسلم لا يفطر صومه الواجب إلا بسبيل حق ومجوز شرعي، فتأمل.
ولا يخفى أن إبراهيم بن هاشم كان كوفيا نزل بقم، وهو أول من نشر حديث الكوفيين بقم. وابن أبي عمير بغدادي من وجوه الشيعة من الطبقة السادسة. ولم نجد له حديثا يرويه عن المعصوم (عليه السلام) بلا واسطة إلا حديثا واحدا في الأمالي (1)، رواه عن أبي إبراهيم (عليه السلام). ويحتمل عدم كون الراوي في هذا الحديث ابن أبي عمير المعروف، إذ الإمام (عليه السلام) خاطبه بقوله: " يا أبا أحمد "، والتعبير بالكنية كان للكبار، ابن أبي عمير المعروف كان في عصر أبي إبراهيم (عليه السلام) من الصغار. وكيف كان فروايات ابن أبي عمير معتمد عليها عند الأصحاب وإن كانت مرسلة؛ ومنها هذه الرواية.
فهذه ست روايات في باب سفر المعصية، فلنشرع في تنقيح موضوعها وبيان أقسامه وأحكامه: فنقول:
السفر قد يكون بنفسه معصية كما إذا تعلق النهي بعنوان متقوم بالسفر كالفرار من الزحف وتشييع السلطان الجائر ونحوهما، وقد لا يكون بنفسه معصية ولكن يكون المقصود منه غاية محرمة، بحيث يكون السفر في نظر هذا المسافر فانيا في هذه الغاية المحرمة منظورا إليه بالنظر الآلي، وذلك كالسفر بقصد السرقة أو المحاربة أو نحوهما، فإن السفر في هذه الأمثلة وإن لم يكن بنفسه محرما لكن لما كان المقصود منه غاية محرمة وكان نظر المسافر إليه نظرا طريقيا بحيث يعد بنظر العرف شروعه فيه شروعا في المعصية ثبت لهذا السفر أيضا حكم سفر المعصية.
فهذان قسمان لسفر المعصية.