ويمكن أن يقرب عدم شمول أخبار التلفيق للمقام وشمول أخبار الامتداد له ببيان آخر (1)، وهو أن أخبار الثمانية الممتدة لا تدل على الثمانية بشرط لا، بل على الثمانية لا بشرط من حيث الزيادة وعدمها. فمفادها أن السفر المشتمل على ثمانية فراسخ امتدادية يوجب القصر. وحينئذ فإذا خرج من محل الإقامة إلى المقصد ومنه إلى وطنه مثلا مارا فيه بمحل الإقامة، وكان بين المقصد والوطن ثمانية، ثبت حكم القصر في الإياب قطعا كما سيأتي. والظاهر ثبوته في الذهاب والمقصد أيضا، لأن سفره من محل الإقامة إلى المقصد ليس سفرا آخر منحازا من السفر الواقع بين المقصد والوطن، بل هو متصل به ويكون المجموع سفرا واحدا اعوجاجيا. فهذا الشخص من حين خروجه من محل الإقامة يصير مسافرا، ويصدق عليه هذا العنوان ما لم يصل إلى وطنه، ولا يخرج بوصوله إلى المقصد من كونه مسافرا حتى يصير سفره سفرين. وإذا ثبت كون المجموع سفرا واحدا، والمفروض اشتماله على الثمانية الممتدة، ثبت فيه حكم القصر من أول السفر، إذ لا يمكن الالتزام بكون السفر الواحد الشخصي محكوما بإيجاب القصر في بعض نقاطه دون بعض. فالظاهر أن الحق في هذه المسألة مع الشيخ وأتباعه، فتدبر جيدا.
المقام الثاني في بيان حكم الإياب. قد عرفت أن الأصحاب إلى عصر الشهيد الثاني (قده) كانوا متسالمين على ثبوت القصر في الإياب مطلقا، وإنما كان اختلافهم في حكم الذهاب والمقصد، وكانت المسألة ذات قولين، ولكنه حدث من عصر الشهيد الثاني قولان آخران في المسألة بالنسبة إلى الإياب:
الأول: ما اختاره الشهيد، حيث قال ما حاصله: أن المقصد الذي هو دون