الحاضر تعبدا أوجبت حكمه بزوال حكم الكثرة عنه، فيعتبر في قاطعيتها حكما أن تكون مع النية. وبالجملة بمناسبة الحكم والموضوع يعلم أن مناط الحكم بالقاطعية في غير البلد هو صيرورة المسافر بسبب الإقامة بحكم الحاضر تعبدا، ومن الواضح أنه يعتبر في ذلك النية والقصد كما سيظهر في محله. وإذا صار الحضور التعبدي موجبا لزوال حكم الكثرة إذا كان بمقدار عشرة أيام فالحضور الحقيقي إذا كان بهذا المقدار قاطع لحكمها بطريق أولى، ومن المعلوم أن تحقق الحضور في الوطن لا يتوقف على النية بل يتحقق حقيقة ولو لم توجد النية.
وأما الوجه الثاني فيبعده أن مقتضاه ثبوت القصر في سفر واحد بعد ثبوت التمام في نفس هذا السفر، إذ المقيم في غير الوطن مترددا لا يخرج عن كونه مسافرا لا عرفا ولا شرعا ما لم يبلغ الثلاثين. ولازم الوجه الثاني أن المكاري الذي أقام في غير بلده مترددا ما لم يبلغ العشرة يتم لكونه كثير السفر، وإذا بلغ العشرة يشرع في القصر وان لم يخرج بعد من البلد، وهذا مستبعد جدا، فتأمل.
وبما ذكرنا يظهر كون الوجه الثالث أوجه الوجوه، إذ لا يرد عليه ما ورد على الأولين. نعم، يرد عليه أن كلتا الإقامتين ذكرتا في الحديث بمساق واحد، فإما أن يعتبر في كلتيهما القصد وإما أن لا يعتبر في واحدة منهما، وأما التفصيل فهو خلاف سياق الحديث. اللهم إلا أن يقال: إن الحديث دل على كون الإقامة قاطعة للكثرة في الجملة، من دون أن يكون فيه اسم من القصد، والتفصيل أمر استفدناه بمناسبة الحكم والموضوع، ولا نسلم كون سياق الحديث أبيا عنه، فتدبر جيدا.
هل تختص قاطعية الإقامة بالمكاري أو تعم؟
المسألة الرابعة: هل قاطعية الإقامة لكثرة السفر تختص بالمكاري كما قيل اقتصارا على مورد النص، أو تجري في جميع من كان السفر عملا له كما نسب إلى