فذلكة قد ذكرنا أن الأخبار التي يستدل بها على وجوب الجمعة ثلاث طوائف:
فالطائفة الأولى منها تدل على وجوب الحضور والسعي إلى الجمعة بعد ما أقيمت وانعقدت بشرائطها. ولا دلالة لواحدة منها على وجوب الإقامة فضلا عن شرائطها وتعيين من يتصداها. وغاية دلالة آية الجمعة أيضا ليست أزيد من ذلك.
فالاستدلال بها على عدم اشتراط الجمعة بالإمام مثل الاستدلال بها على عدم اشتراطها بالجماعة أو العدد أو نحوهما استدلال بمالا دلالة فيه.
الطائفة الثانية ما تدل على اشتراط الجمعة بإمام المسلمين أو من نصبه وأن إقامتها من وظائفه ومناصبه وليست بيد كل أحد. وقد أفتى بذلك أيضا القدماء من أصحابنا في كثير من كتبهم المعدة لنقل خصوص المسائل المأثورة والمتلقاة عن الأئمة (عليهم السلام)، واستفيض منهم أيضا حكاية الإجماع على ذلك. فهذا المعنى من واضحات فقه الإمامية لمن تتبع كلمات القدماء من الأصحاب. ومقتضى ذلك أن جواز إقامة الشيعة لصلاة الجمعة في هذه الأعصار مما يحتاج إلى دليل متقن يستفاد منه ترخيص الأئمة (عليهم السلام) وإذنهم للفقهاء أو لجميع الشيعة في إقامتها، وإلا فالأصل عدم المشروعية بعد ما أثبتنا كونها من المناصب الخاصة.