إنك سلمت كون المسافر في حال الإقامة أيضا متلبسا بالسفر، والمفروض في ذلك الفرض تبدل قصده من المعصية إلى الطاعة، فيثبت مقتضي القصر ويرتفع مانعه فيجب الحكم بثبوته، فتأمل.
حكم حال الرجوع من سفر المعصية المسألة الثالثة: إذا سافر لغاية محرمة فهل يقصر في حال الرجوع منه كما اختاره في الجواهر (1)، أو يتم، أو يفصل بين ما إذا تاب بعد ارتكاب المعصية وبين ما إذا لم يتب، أو يفصل بين ما إذا انصرف من قصد المعصية قبل ارتكابها وبين غيره؟ في المسألة وجوه.
ويوجه الأول بأن الإتمام كان دائرا مدار كون السفر بنفسه معصية أو كون غايته محرمة، وكلاهما منتفيان في حال الرجوع إلى الوطن مثلا. أما الأول فواضح، أما الثاني فلأن غاية الشيء لا تتقدم عليه خارجا، فالعصيان المتحقق في المقصد لا يعقل أن يكون غاية للرجوع. وبعبارة أخرى: موضوع الإتمام كون السفر بنفسه معصية أو كونه واقعا في طريق المعصية بحيث يعد الشروع فيه شروعا فيها، وكلاهما منتفيان في المقام.
ويوجه الثاني بأن الرجوع وإن لم يكن بنفسه معصية وليس أيضا واقعا في طريقها لكنه يعد عرفا من توابع الذهاب وينسب غاية الذهاب إلى الرجوع أيضا، بمعنى أن مجموع الذهاب والإياب يعد عرفا سفرا واحدا أو جده الشخص للغاية الحاصلة في منتهى الذهاب. ألا ترى أن المسافر إذا تحمل مشاق كثيرة في إيابه نسبت عرفا إلى غاية الذهاب فيقال إن فلانا تحمل مشاق كثيرة لغرض الحج مثلا. والسر في ذلك أن خروج الشخص من منزله بمنزلة الحركة القسرية، وكل حركة قسرية