مصداقها بالنسبة إلى المسافر ركعتان وبالنسبة إلى الحاضر أربع ركعات، فكل واحد من المتم أو المقصر لا يتصدى إلا لامتثال قوله تعالى مثلا: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل).
إذا عرفت هذا فنقول: إن المصداق الواقعي لصلاة الظهر مثلا بالنسبة إلى الجاهل أيضا هو الركعتان لا الأربع كما عرفت تصويره، والفرض أنه أتى به بقصد امتثال الأمر المتوجه إليه، أعني الأمر بطبيعة صلاة الظهر الذي يشترك فيه الحاضر والمسافر، غاية الأمر أنه تخيل كون فردها بالنسبة إليه عبارة عن الأربع، ولكن لا يضر هذا التخيل بعد ما أتى بما هو الواجب عليه واقعا بقصد امتثال الأمر المتوجه إليه، فلاوجه لعدم صحته بعد ما لم يخل بشيء من أجزاء العمل ولا بالنية.
ومما ذكرنا يعلم أيضا حكم القضاء بالنسبة إلى الجاهل إذا فاته الصلاة في الوقت، وأنه يجب عليه القضاء قصرا، ولاوجه لتوهم استقرار القضاء عليه تماما، إذ الثابت عليه هو القصر كسائر المسافرين، غاية الأمر دلالة الأخبار على إجزاء التمام إذا أتى بها في الوقت كذلك، ولكن المفروض عدم الإتيان بها في الوقت.
وبالجملة لا يستفاد من الأخبار تبدل وظيفة الجاهل واقعا، وكون مصداق الصلاة بالنسبة إليه عبارة عن الأربع، بل غاية ما يستفاد منها هو إجزاء الأربع إذا أتى بها جهلا، والمفروض في المقام عدم الإتيان بها، وقد عرفت منا في مقام التصوير أن الأربع لا تقع بمجموعها منطبقة لعنوان الصلاة، فتدبر.
حكم ما إذا كان في بعض الوقت حاضرا وفي بعضه مسافرا الأمر الثالث: إذا كان في أول الوقت حاضرا وفي آخره مسافرا، أو بالعكس، فهل يراعي في صلاته حال تعلق الوجوب أعني به أول الوقت، أو حال الأداء، أو يتخير، أو يفصل بين سعة الوقت للإتمام وعدمها؟ فيه خلاف بين الأصحاب.