تكميل رفع التهافت بين روايتي الخفاء والتواري لا يخفى أن صحيحة محمد بن مسلم تدل بمنطوقها على أن التواري من البيوت هو السبب الموجب للقصر، وبمفهومها على نفي سببية الغير، وصحيحة ابن سنان تدل بفقرتها الثانية على أن خفاء الأذان بنفسه سبب للقصر، وبفقرتها الأولى التي هي بمنزلة المفهوم للفقرة الثانية تدل على نفي سببية الغير.
وعلى هذا أشكل على القوم الجمع بين الصحيحتين:
فقيل بتقديم صحيحة ابن مسلم وطرح الأخرى، لكون نقل المشايخ الثلاثة سببا لرجحانها.
وقيل بالعكس، لاعتضاد صحيحة ابن سنان بالروايات الأخر الواردة بمضمونها.
وقيل بأنهما متكافئتان، فيتخير الفقيه في الأخذ بأيهما أراد، نظير سائر التخييرات الظاهرية المذكورة في الموارد المختلفة. (1) ثم يقع النزاع في أن التخيير ابتدائي أو استمراري.
هذا كله بناء على عدم تقديم الجمع العرفي على الترجيح أو التخيير، وأما بناء على تقديمه كما هو الأقوى فهل يتمشى الجمع العرفي في المقام أو لا؟ وعلى فرض التمشي فهل يجمع بينهما بالتخيير الواقعي بمعني أن المكلف يتخير في جعل هذا حدا أو ذلك، نظير التخيير في باب خصال الكفارة، أو بتقييد منطوق كل منهما بمنطوق الأخرى، فينتج عدم كفاية أحدهما في ثبوت الترخص ما لم يحصل الآخر، أو بتقييد مفهوم كل منهما بمنطوق الأخرى، فينتج