تكميل حكم ما استوطنه ستة أشهر قد عرفت أنه لا يراعى بحسب اللغة والمتفاهم العرفي في صدق الوطن على بلد خاص الاعتبارات السالفة، من كونه مسقطا لرأس الإنسان، أو محلا لإقامة آبائه أجداده، ولا اللاحقة ككونه عازما على البقاء فيه دائما مثلا. بل هو عبارة عن محل الإقامة والمقر الفعلي للشخص بحسب طبعه ووضعه الفعلي، سواء ملك فيه شيئا أم لا. وعرفت أيضا أن كون المرور به قاطعا للسفر أمر واضح لا يحتاج إلى تعبد شرعي، إذ المسافر يخرج بالمرور به من كونه مسافرا حقيقة ويدخل في عنوان الحاضر. فهذا مما لا إشكال فيه نعم هنا شيء آخر، وهو أنه ربما نسب إلى المشهور تفسير الوطن بالموضع الذي له فيه ملك وقد استوطنه فيما مضى ستة أشهر ولو متفرقة، وربما عبروا عن ذلك بالوطن الشرعي وجعلوه من القواطع. ومستندهم في هذا الفتوى رواية ابن بزيع لا محالة.
فاللازم ذكر كلمات الأصحاب ثم التدبر في رواية ابن بزيع حتى يظهر ما هو الحق في المقام فنقول:
نقل كلمات القدماء في المسألة 1 - قال في الفقيه - بعد ما روى خبر إسماعيل بن الفضل السابقة (الأولى من الطائفة الأولى): - " قال مصنف هذا الكتاب: يعني بذلك إذا أراد المقام في قراه أرضه عشرة أيام، ومتى لم يرد المقام بها عشرة أيام قصر إلا أن يكون له بها منزل فيكون فيه في السنة ستة أشهر، فإن كان كذلك أتم متى دخلها. وتصديق ذلك ما رواه محمد بن إسماعيل بن بزيع... " (1)