إلى الآتية لزم الخروج من ظهور اللفظ، إذ الفعل قد وضع لبيان تحقق نفس المادة لا لقصدها. فتدبر.
وأما الثاني أعني حمل الحديث على ما سموه وطنا شرعيا، فغاية تقريبه أن يقال: إن لفظ الاستيطان في أخبار المسألة وكذلك الإقامة في رواية ابن بزيع وإن استعملا بلفظ المضارع لكن يجب القول بانسلاخهما عن الزمان، لعدم جواز حملهما على الحال ولا الاستقبال ولا الاستمرار كما اتضح ذلك في أثناء تقريب كلام الصدوق والمناقشة عليه، فيكون المراد منهما نفس تحقق المادة خارجا. فالمتبادر من قوله في رواية ابن بزيع: " يقيم فيه ستة أشهر " بعد عدم جواز حمله على الاستمرار أو الاستقبال أو الإقامة في هذا السفر هو أن تحقق الإقامة خارجا في منزل بمقدار ستة أشهر مما يوجب الإتمام حال المرور به، ولا محالة ينطبق ذلك على ما مضى، إذ المستقبل لم يتحقق بعد، فلعل ذلك هو وجه فتوى جل المتأخرين بكفاية الإقامة ستة أشهر فيما مضى في ثبوت الإتمام، مع أن أغلب أخبار الباب وفتاوى القدماء من الأصحاب وردت بلفظ المضارع.
فإن قلت: لو كان معنى الاستيطان عبارة عن نفس الإقامة لصح ما ذكرت من وجوب حمل روايات الباب على المضي، ولكن من المحتمل أن يكون الاستيطان عبارة عن قصد الإقامة في مكان بعنوان الاستيطان، بأن يكون الاستيطان من العناوين القصدية التي لا تنطبق على معنوناتها إلا بالقصد كالتعظيم ونظائره، وعلى هذا الفرض يمكن حمل أخبار المسألة على زمان الحال أيضا، فيكون المراد دوران الإتمام مدار كون المسافر ناويا للاستيطان في هذا المنزل بحسب وضعه الفعلي وإن كان في سفره هذا مارا به آنا ما. وبالجملة الإتمام يدور مدار كون المكان الممرور به وطنا اتخاذيا فعلا، وهو أمر متقوم بالقصد.
قلت: كون القصد معتبرا في الاستيطان ممنوع، فإن الوطن كما عرفت سابقا