ولكن حكم الشهيد الأول وجماعة أخرى بثبوت الإتمام في الذهاب والمقصد؛ وعمدة مستندهم في ذلك ما ادعوه من دلالة أخبار التلفيق وظهور الإجماع على أن الذهاب لا يضم إلى الإياب ولا يحسب جزء من المسافة المعتبرة إلا إذا كان بمقدار أربعة فراسخ، والمفروض في المقام كونه أقل من الأربعة.
وفي هذا الاستدلال نظر، فإن أخبار التلفيق ومعقد الإجماع على فرض ثبوته لا تشملان المقام.
وتوضيح ذلك يتوقف على إشارة إجمالية إلى مفاد أخبار المسافة، فنقول:
قد عرفت سابقا أن أخبار المسافة ثلاث طوائف:
1 - ما تدل على أن التقصير في بريدين: ثمانية فراسخ، وظاهرها الثمانية الامتدادية الواقعة بين المبدأ والمقصد.
2 - ما تدل على أن التقصير في بريد: أربعة فراسخ، وهي أيضا ظاهرة في الامتدادية.
3 - ما تدل أيضا على أن التقصير في بريد، غاية الأمر أنه علل ثبوت القصر فيه بأنه إذا رجع صار سفره بريدين: ثمانية فراسخ.
فالطائفتان الأخيرتان تشتركان في الدلالة على اعتبار كون البعد المكاني الحاصل بالسفر أربعة فراسخ، غاية الأمر أن الثالثة تدل على أن الموجب للقصر ليس نفس الأربعة بما هي هي، بل باعتبار صيرورتها بضم الرجوع ثمانية. فظهور كلتا الطائفتين في اعتبار كون البعد بين المبدأ والمقصد أربعة فراسخ مما لا يزاحمه شيء، فيجب الأخذ به. وبهذا البيان قربنا سابقا اعتبار كون الذهاب في المسافة الملفقة بمقدار الأربعة. وإن شئت تفصيل ذلك فعليك بالمراجعة.
إذا عرفت هذا فنقول: إن المقام غير مرتبط بباب التلفيق وأخباره، فلا يعتبر فيه ما يعتبر في التلفيق.
توضيح ذلك أن المستفاد من أخبار التلفيق هو أن خروج المسافر من مقره حضره بمقدار الأربعة إنما يوجب القصر باعتبار أنه لا محالة يرجع إلى حضره هذا، فيصير مقدار