التجارة أو اللهو عليها بعد ما كان أصل تشريعها بشرائطها مفروغا عنه. فمفادها أنه إذا أقيمت صلاة الجمعة بشرائطها وحدودها فعلى الناس أن يسعوا إليها ويذروا ما يشغل عنها؛ وأما أنه على من يجب عقدها وإقامتها، وما هي حدودها وشروطها فليست الآية في مقام بيانها.
فإن قلت: نعم، الآية لا تدل على وجوب العقد، ولكنها تدل بإطلاقها على وجوب السعي إليها كلما عقدت وأينما أقيمت، وبالجملة مفادها أنه كلما أقيمت الجمعة يجب السعي إليها، عملا بإطلاق الشرط وعمومه كما يعمل به في نحو: إذا جاءك زيد فأكرمه، ويشمل إطلاق الشرط لما عقدها السلطان أو نائبه ولما عقدها غيرهما.
قلت: ليست الآية في مقام بيان أن كل جمعة أقيمت يجب السعي إليها، بل في مقام التوبيخ لمن يفر عن الجمعة الصحيحة المعقودة بقصد البيع أو اللهو أو سائر المشاغل. (1) والحاصل أنها غير مسوقة لبيان وجوب العقد والإقامة، أو لبيان وجوب الحضور والسعي إلى كل جمعة أقيمت كيفما كانت، بل وردت للتوبيخ على تساهل الحضور وتقديم سائر المشاغل بعد ما فرض إقامة جمعة واجدة للشرائط ثبت إجمالا وجوب السعي إليها.
وكيف كان فلنشرع في تحقيق أخبار الباب، ولنشر قبله إلى أمرين:
الأول: بيان نكتة تاريخية في باب إقامة الجمعة اعلم أن هاهنا نكتة تاريخية تكون بمنزلة القرينة المتصلة للأخبار الصادرة عنهم (عليهم السلام) فيجب التوجه إليها في فهم مفاد الأخبار، وهي أنه لا ريب في أن