في المسألة وجوه. ولا يخفى أن كلا منها محتمل، وإن كان الأظهر من وجوه العزم هو الوجه الأخير، لأن تعليق الحكم على موضوع ربما يستظهر منه بقاؤه ببقائه زواله بزواله بحيث يدور الحكم معه حدوثا وبقاء.
فإن قلت: مقتضى توقف الإتمام في كل صلاة على تحقق العزم حينها أن يكون المسافر في وقت كل صلاة عازما على إقامة العشرة، فإنها الموضوع للإتمام، مع أنه في اليوم التاسع مثلا لا يعزم إلا على إقامة يوم واحد متمم للعشرة السابقة.
قلت: لا نريد بتوقف الإتمام في كل صلاة على العزم حينها توقفه على عزم مستقل حادث، بل المراد أن العزم الأول بحدوثه علة للإتمام في أول العشرة، وببقائه في وقت كل صلاة علة للإتمام في هذه الصلاة. فالشرط للصلوات اللاحقة هو نفس الوجودات البقائية للعزم الأول. وبعبارة أخرى: العزم على متمم العشرة المقصودة أولا، لا العزم على عشرة تامة سوى الأولى.
وبالجملة لولا صحيحة أبي ولاد لتمشى في المسألة وجوه، وأظهرها الأخير، ولكن بعد ورودها يتعين العمل على وفقها، لكونها صحيحة معمولا بها بين الأصحاب. نعم، ربما يقع النزاع في التعدي عن مضمونها. فلنذكرها ثم نشرح مفادها، فنقول:
روى الشيخ بإسناده عن سعد، عن أبي جعفر، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد الحناط، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني كنت نويت حين دخلت المدينة أن أقيم بها عشرة أيام فأتم الصلاة، ثم بدا لي بعد أن لا أقيم بها، فما ترى لي أتم أم أقصر؟
فقال: " إن كنت حين دخلت المدينة صليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك أن تقصر حتى تخرج منها، وإن كنت حين دخلتها على نيتك التمام (المقام - خ ل) فلم تصل فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار؛ إن شئت فانو المقام عشرا وأتم، وإن لم تنو المقام فقصر ما بينك وبين