في ذهنه اختلاف المكارين في الحكم باختلاف الإقامة، وكون بعض الإقامات مما يوجب انقطاع كثرة السفر موضوعا أو حكما، فسأل الإمام (عليه السلام) عن حد الإقامة التي توجب ذلك.
وبعبارة أخرى: لما كان المكاراة تستلزم عادة مقدارا من الإقامة في المنزل وفي المقصد لتهيئة أسباب السفر، وكان المركوز في ذهن السائل أن هذا القبيل من الإقامة لا تضر بحكم الكثرة وأن بعضا منها مما يوجب زوال حكمها سأل الإمام (عليه السلام) عن التمييز بينهما، فأجابه الإمام (عليه السلام) بأن الإقامة إن كانت أقل من عشرة فلا تضر بحكم الإتمام والكثرة أبدا، سواء كانت في المنزل أو في بلد آخر، وإن كانت أكثر من عشرة أضرت به كذلك. فالحديث بصدد تعيين الإقامة التي توجب زوال حكم الكثرة تمييزها مما لا توجب ذلك، وليس في مقام تقسيم المكاري إلى من يتم دائما من يقصر كذلك حتى يستشكل بأن ذكر لفظة " أو " في كلتا الفقرتين غير مناسب.
وربما يناقش في هذه الرواية أيضا بأن الظاهر منها كون إقامة العشرة في البلد الذي يدخله موجبة للقصر في السفر المتقدم عليها بنحو الشرط المتأخر؛ وهو خلاف الإجماع.
ولكن الظاهر اندفاعها أيضا، إذ المتأمل في الأخبار الثلاثة يظهر له كونها بصدد بيان وظيفة المكاري بالنسبة إلى الأسفار المتحققة منه بعد الإقامة، فافهم.
هل الإقامة في المقصد قاطعة للكثرة؟
وكيف كان فكون إقامة العشرة إجمالا قاطعة لحكم الكثرة مما لا إشكال فيه يدل عليه الروايات وأفتى به الإصحاب، فيجب الإفتاء به.
نعم، يبقى الإشكال في أنه هل يقتصر في ذلك على الإقامة في المنزل أو يحكم بما تضمنته الروايات من عدم الفرق بين كونها في المنزل أو في البلد الذي يذهب إليه؟