[...] فتحصل: أن الاستدلال بالصحيحة المتقدمة (1) على وجوب إزالة النجاسة عن المساجد، يتوقف على ظهورها العرفي في مفروغية وجوب إزالة النجاسة عن المسجد عند السائل، وكون وجه السؤال عن غسل بول الدابة، لأجل أن السائل يحتمل نجاسته أو يعتقد بها. وقد عرفت: أنها ظاهرة في استعلام السائل من جهة أصل الغسل، بأنه هل يجب أم لا؟ مضافا إلى قصورها عن الدلالة على نجاسة بول الدابة من الخيل وأخويها، فتكون الصحيحة إذا أجنبية عن المقام.
هذا، ولكن أجاب بعض الأعاظم (قدس سره) عن الاستدلال بالصحيحة بقوله: " نحتمل أن يكون سؤاله راجعا إلى حكم ترجيح أحد الأمرين المستحبين على الآخر، حيث إن ظاهر الصحيحة سعة الوقت للصلاة، وتمكن المكلف من إتيانها قبل خروج وقتها مع تقديم تطهير المسجد على الصلاة، ومن الظاهر: أن المبادرة إلى الواجب الموسع مستحبة، كما أن تنظيف المسجد عن القذارة والكثافة أمر مرغوب فيه في الشريعة المقدسة، ومن هنا تصدى للسؤال عن أن المستحبين أيهما أولى بالتقديم على غيره ". (2) وفيه: أنه مخالف لظاهر الصحيحة جدا، كما أن ما أجاب به بعض المعاصرين عن الاستدلال بها من: " أن الرواية سؤالا وجوابا ناظرة إلى مطلب آخر وهو أن تنجس المسجد بإصابة بول الدابة النجس إليه، هل يمنع عن الصلاة فيه؟... أو لا يمنع عن ذلك... " (3) مخالف لظاهرها، أيضا.