[...] وأما مع ضيقه، فتصح الصلاة فيه بطريق أولي، فيتمها مع النجاسة ولا شئ عليه.
هذا كله في الدليل على صحتها في القسم الثالث.
وأما الدليل على صحتها في القسمين الأولين، فهو على وجهين:
الأول: فحوى الروايات المتقدمة الدالة على صحة الصلاة إذا وقعت بتمامها في النجس، فإنها بالأولوية القطعية تدل على صحتها إذا وقعت ببعضها في النجس، كما هو مفروض الكلام.
نعم، هنا مانع عن التمسك بتلك الروايات وهو الأخبار الدالة بمفهومها أو منطوقها على البطلان في القسم الأول، فلابد إذا من رفعه.
منها: صحيحة زرارة المتقدمة آنفا، فإنها تدل منطوقا على صحة الصلاة عند عروض النجاسة في أثناءها، كما هو مقتضى التعليل المذكور فيها، ومفهوما على بطلان الصلاة فيها إذا علم بسبق النجاسة على الدخول في الصلاة، فدخل فيها جاهلا بها ثم التفت إليها في الأثناء.
ومنها: صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة، فإنها تدل بمفهومها على بطلان صلاة الرجل الذي دخل فيها مع الثوب النجس جهلا إذا علم بها في الأثناء بإعلام الغير له، كما هو المفروض في القسم الأول.
وفيه: أن هذه الدلالة إنما تتم إذا كان الانصراف في قوله (عليه السلام): " حتى ينصرف " بمعنى الفراغ عن الصلاة، إذ مقتضاه بطلان الصلاة إذا علم بالنجاسة و لم يفرغ عن الصلاة، وأما إذا كان بمعني المضي عن الصلاة، كما هو الظاهر أو المحتمل،