مع الجمود على لفظ الرواية.
لكن لا ينبغي الاشكال في أن قوله عليه السلام: إن رأيت المني، لا يراد به تعليق الحكم على خصوص الرؤية في قبال العلم الحاصل بغيرها، بل ذكر الرؤية لأجل حصول العلم نوعا بواسطتها في مثل الموضوع، فالحكم معلق على العلم والرؤية وسيلة لذلك، ففي الصدر علق الحكم على العلم، ومفهومه أنه لو لم يعلم بوجود المني فلا إعادة، وهو يناقض الجملة الثانية التي علق فيها الحكم بعدم الإعادة على العلم بالعدم الحاصل بالنظر والفحص، فيقع التعارض بين الصدر والذيل، والترجيح للصدر بالشهرة وموافقة القواعد الحاكمة على أدلة اعتبار الشروط هذا.
لكن فرض الجملة الثانية مستقلة مخالف لفهم العقلاء، فإن الظاهر من مثل المقام أن الجملة الثانية أتى بها لبيان أحد مصاديق المفهوم المستفاد من الصدر، فقوله:
إن رأيت المني في ثوبك، مفهومه إن لم تر، وهو أعم من عدم الرؤية مع الفحص وعدمه، والجملة الثانية أتى بها لذكر أحد المصداقين المستفاد من الجملة الأولى وعلى ذلك فلا مفهوم للشرطية الثانية وبقي مفهوم الشرطية الأولى على اطلاقه.
هذا كله مع أن صحيحة زرارة الطويلة تدل على عدم وجوب النظر والفحص فإن فيها قلت: فهل على أن شككت في أنه أصابه شئ أن أنظر فيه قال لا ولكنك إنما تريد أن تذهب الشك الذي وقع في نفسك (1) الحديث، وبما أن النظر والفحص لا يجب نفسيا بلا شبهة، يكون نظر السائل والمجيب إلى لزومه وعدمه في تحصيل شرط الصلاة، فكان السائل لما علم باشتراط الصلاة بطهارة الثوب سئل عن لزوم الفحص لتحصيل العلم بالطهارة الواقعية المشروطة بها الصلاة، فأجاب بعدم لزومه فإن الطهارة الظاهرية كافية في صحة الصلاة واقعا.
فمن تأمل في فقرات الصحيحة يرى أن الأسئلة كلها تكون حول الحكم الوضعي، أي اشتراط الصلاة بطهارة الثوب، ولم يبق له شك في أن المراد بتلك الفقرة