أو شئ من المني (1)، ضرورة أنه لا يريد إلا السؤال عن الواقعة من غير ابتلائه بها، كما أن قولهم رجل شك بين الثلاث والأربع (2) لا يراد به الرجل، كذلك في أمثال المقام مما ينسبون الموضوع إلى أنفسهم لا يريدون الاختصاص ولا يظهر منها ابتلاء الراوي بالواقعة.
وأما صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم (3) الواردة في الجاهل بالحكم، فهي وإن احتملنا فيها احتمالات، لكن لا يبعد أن يكون الحكم فيها حيثيا من غير اطلاق لغير الجاهل، فالجاهل بالحكم صحت صلاته، والناسي والساهي عن الحكم أو الموضوع يعيد في الوقت دون خارجه، وإن كان الأولى مراعاة الاحتياط في غير النسيان للموضوع.
مسألة لو قصر المسافر اتفاقا بأن كان آتيا بالعمل باعتقاد الاتمام وبعنوانه لجهله بالحكم أو بالموضوع وسها وسلم في الثانية باعتقاد كونها رابعة، وكذا لو أتم الحاضر اتفاقا بأن كان آتيا بالصلاة بعنوان القصر للجهل أو النسيان وسها وأتم، لم تصح صلاته وتجب عليه الإعادة على قول مشهور، بل المحكي عدم الخلاف في الفرض الأول، وأردف بعضهم الآتي كذلك لعذر بالمتعمد لذلك تشريعا، لكنه غير وجيه لعدم امكان الاتيان بالعمل بقصد الطاعة أو التقرب مع العلم بالخلاف، وإن أمكن التشريع بمعنى الافتراء والاتيان بصورة العمل.
وكيف كان فهل يصح العمل مطلقا بحسب القواعد، أو لا كذلك أو في المقام تفصيل يمكن أن يقال: إنه إن قلنا في باب القصر والاتمام بأن كلا منهما متعلق للأمر، فالصلاة قصرا عنوان متعلق للأمر بالنسبة إلى المسافر، وتماما عنوان متعلق لأمر آخر بالنسبة إلى الحاضر، وقلنا مع ذلك بأن صحة العبادة موقوفة على قصد الطاعة المتوقف على الأمر، فلا محالة يكون المسافر الآتي بعنوان التمام جهلا قاصدا للأمر