الجهات، والشارع الأقدس تبع لذلك العرف عالما بأن هذه الجهة استقبال حقيقي لا مسامحي كما أن التوجه إلى أبعد الجهات أيضا كذلك لكنه أسقط هذه الجهات المخالفة لحكم العرف فتحصل من جميع ما ذكرناه أن القبلة هي عين الكعبة للقريب والبعيد.
بقي الكلام في روايات ظاهرة في أن القبلة بين المشرق والمغرب أهمها صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال لا صلاة إلا إلى القبلة قال: قلت: أين حد القبلة قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة كله قال: قلت: فمن صلى لغير القبلة أو في يوم غيم في غير الوقت قال: يعيد (1).
فإنها بظاهرها دالة على أن ما بين المشرق والمغرب حد القبلة مطلقا لجميع الناس في جميع الأحوال فمن صلى إلى غير ما بينهما بطلت صلاته.
ولازم ذلك أمور منها لزوم الصلاة فيما بينهما مع العلم بأن الكعبة في جهة أخرى بل على الخلف وعليه فتكون مخالفة لاجماع المسلمين بل للضرورة ولجميع النصوص كتابا وسنة.
ومنها لزوم اختلاف القبلة باختلاف البلدان فإن ما بينهما في خط الاستواء لا يختلف إلا يسيرا وأما في آفاقنا فيختلف فاحشا وفي بعض الآفاق يكون قوس النهار قصيرا جدا فإن النهار فيها ثلاث ساعات أو أقل وفي بعضها طويلا جدا فإن النهار فيها أكثر من عشرين ساعة بل لعل فيما يكون النهار شهرا أو شهرين أو ستة أشهر تطلع الشمس من محل غربت منه فلا يكون بين المغرب والمشرق فصل.
ومنها لزوم اختلاف القبلة باختلاف الفصول في كثير من الآفاق بل في جميعها وإن كان في خط الاستواء قليلا فإن الفصل بين المشرق والمغرب في أول السرطان أكثر جدا مما بينهما في أول الجدي في مثل آفاقنا بل اللازم تغيير القبلة في كل يوم بتغيير الغروب والطلوع.