لا صلاة إلا إلى القبلة قال: قلت: أين حد القبلة قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة كله قال:
قلت: فمن صلى لغير القبلة أو في يوم غيم في غير الوقت قال يعيد: لأن النسبة بينها وبين تلك الروايات العموم من وجه فإن المراد بغير القبلة في الصحيحة هو غير ما بين المشرق والمغرب بقرينة قوله (عليه السلام) بينهما قبلة كله والأمر بالإعادة أعم من الانكشاف في الوقت وخارجة وأما الروايات المفصلة فيؤخذ فيها بظاهر قوله على غير القبلة أعم من الانحراف إلى ما بين المشرقين أو أزيد إلى الخلف فيقع التعارض بينهما في خارج الوقت والترجيح للصحيحة لموافقة الكتاب.
قلت أولا أنه قد أشرنا إلى أن قوله (عليه السلام) يعيد ونحوه كناية عن البطلان ولا حكم لعنوان الإعادة في الشرع وفي الكنايات لا يكون المتكلم إلا في مقام بيان الأمر الكنائي وأما ما وقع كناية فلا ينظر إليه ولهذا يقال إن المناط في الصدق والكذب فيها هو مطابقة المكنى عنه للواقع فقوله فلأن كثير الرماد المراد بها الجود في مقام بيان جوده لا كثرة رماده فلو لم يكن له رماد وكان جوادا كان المتكلم صادقا.
ففي المقام لما كانت الإعادة بعنوانها غير محكومة بحكم لا عقلا ولا شرعا لم يكن مراده إلا المعنى الكنائي أي بطلان الصلاة لعدم اتيانها على ما هي عليه. فكأنه قال صلاته باطلة ولا معنى لاطلاق البطلان فلا تنافي الروايات فتدبر جيدا.
وثانيا أن قوله في الصحيحة وغيرها إن ما بين المشرق والمغرب قبلة حاكم على الأدلة المأخوذة فيها الصلاة لغير القبلة ومع وجود الدليل الحاكم تنقلب النسبة بين المتعارضين فيكون المراد بغير القبلة فيها غير ما بين المشرق والمغرب الذي هو قبلة كله فتكون الروايات المتقدمة أخص من الصحيحة مطلقا فتقيد بها فتكون النتيجة عدم وجوب الإعادة في خارج الوقت ووجوبها في الوقت.
وهل يلحق الصلاة إلى نفس المشرق والمغرب أي نفس اليمين والشمال بالصلاة إلى ما بينهما فتصح ولا تجب إعادتها في الوقت ولا في خارجه أو تلحق بالصلاة استدبارا فيفصل بينهما؟