ثم إن الطاهر عدم تعدد الأمر في القصر والاتمام بمعنى أنه لم يكن لصلاة التمام أمر بعنوانها ولا للقصر كذلك، بل الأمر متعلق بنفس الصلاة وطبيعتها والأمر الآخر يستفاد منه كيفيتها بالنسبة إلى المسافر أو الحاضر، والأصل فيه الآية الكريمة وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة (1)، والمتفاهم منها بضميمة صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم (2) أنه يجب تقصير الصلاة التي أمر بها، لا وجوب الصلاة تقصيرا مستقلا وتماما كذلك، فالأمر واحد وكيفية الاتيان على نحوين، نظير الغسل كما أشرنا إليه، فعلى ذلك مقتضى القاعدة الصحة، فلو استكشفنا من عدم الخلاف في المسألة أن الحكم بحسب الشرع كذلك فلا كلام، وإن قلنا بأن للعقل دخالة في المسألة وفي مثله لا يمكن استكشاف حكم شرعي مستقل من الاجماع فضلا عن لا خلاف، فلا محالة يحكم بصحتها وطريق الاحتياط معلوم ومطلوب مسألة لو زاد ركوعا أو سجدتين فهل توجب هذه الزيادة بطلان الصلاة أو لا، يمكن الاستدلال لطرفي القضية بأمور، أما للثاني فبأن عدم الإعادة على القواعد كقاعدة البراءة العقلية، فإن الحكم بالإعادة أما لأجل تقييد الصلاة بعدم زيادة الركن بناء على جواز مثل هذا التقييد، أو لأجل جعل المزاحمة بينهما، والشك في كل منهما مجرى البراءة حتى في الزيادة العمدية وكقاعدة لا تعاد فإن اطلاقها يقتضي الصحة حتى مع العمد، كما أشرنا إليه سابقا وقلنا بالانصراف عن العمد في جانب النقيصة لا الزيادة، وقلنا: إن مقتضى ذيل الحديث أن الزيادة لو فرض ايجابها للبطلان إنما ثبت بالسنة والسنة لا تنقض الفريضة، ولو سلم عدم الجريان في العمد فلا ريب في جريانها في موارد العذر كالجهل والنسيان ونحوهما، وكحديث الرفع في مثل الجهل حكما أو موضوعا أو نسيانا.
ويمكن الاستدلال للصحة أيضا بجملة من الروايات، منها صحيحة زرارة وبكير ابني أعين المتقدمة على نسخة الكافي، قال: إذا استيقن أنه قد زاد في صلاته ].