فتحصل مما مر أن الروايات متعارضة، والترجيح للروايات الآمرة بالإعادة للشهرة ومخالفة العامة، بل لعدم العامل بهذه الروايات الدالة على الصحة في الطبقة المتقدمة من أصحابنا، فلهذا لا تصل النوبة إلى الترجيح، بل لا حجية لها، لاعراض المشهور عنها.
وأما الروايات الواردة في باب الاستنجاء، فهي أيضا في نفسها متعارضة، بعضها مع بعض بل التعارض فيها من جهات.
فمنها ما تدل على بطلان الصلاة بترك الاستنجاء من البول نسيانا من دون بطلان الوضوء بذلك، كصحيحة عمرو بن أبي نصر قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أبول وأتوضأ وأنسى استنجائي ثم أذكر بعد ما صليت، قال: اغسل ذكرك وأعد صلاتك ولا تعد وضوئك (1) ونحوها غيرها.
ومنها ما تدل على بطلان الوضوء بتركه أيضا كموثقة سماعة قال: قال أبو - عبد الله عليه السلام: إذا دخلت الغائط فقضيت الحاجة فلم تهرق الماء ثم توضأت ونسيت أن تستنجي فذكرت بعدما صليت فعليك الإعادة، فإن كنت أهرقت الماء فنسيت أن تغسل ذكرك حتى صليت فعليك إعادة الوضوء والصلاة وغسل ذكرك، لأن البول (ليس) مثل البراز على نسخة الكافي، (2) ونحوها في الحكم الثاني رواية أبي بصير وغيرها (3).
ومنها ما تدل على بطلان الصلاة بترك الاستنجاء من الغائط، كموثقة سماعة المتقدمة (4) آنفا، بناء على أن المراد بقوله: فعليك الإعادة خصوص الصلاة، كما هو المناسب لما عن نسخة من الكافي لأن البول ليس مثل البراز، وأما على سائر النسخ فالمناسب أن يكون الحكم بالإعادة شاملا للوضوء أيضا.