الترتيب إما حاصل أو غير معتبر في الفرض، وتوهم أنه لا دليل على القضاء بعد سقوط الأصل غير صحيح لأن العقل يحكم بوجوب الاتيان بهما، ولازم ذلك الاتيان بإحداهما قضاء، كما لو علم بعد الوقت بترك إحداهما وبعبارة أخرى بعد العلم بأن ترك المأمور به في الوقت يوجب القضاء يكون العلم الاجمالي حجة على الواقع كالعلم التفصيلي.
ولو قلنا بجريان الأصل في أطراف العلم لو لم يلزم منه المخالفة العلمية، فتجري أصالة عدم الاتيان في كل منهما فيحرز موضوع صحيحة الحلبي من وجوب الاتيان بالعصر، إلا أن يقال: إن مفاد الصحيحة لا ينطبق على المورد، لأن فيها التعليل بأنه لو أتى بالظهر فاتتاه، ولا شك أنه مع العلم بالاتيان بإحداهما لم يفت المأتي بها، إلا أن يقال: إن لازم التعبد بعدم الاتيان بهما هو التعبد بفوتهما لو أتى بالظهر، مع أن الحكم بوجوب العصر مع عدم الاتيان بهما إلى ما بقي من الوقت مقدار أربع ركعات مسلم غير قابل للتشكيك، والاستصحاب يحرز موضوع الحكم.
هذا كله على القول باعتبار قصد العنوان تفصيلا، وأما مع عدمه فالاتيان بأربع ركعات بقصد ما في الذمة كاف في العمل بالعلم الاجمالي وفي تحقق قصد العنوان اجمالا، ولا يجب عليه القضاء، وتوهم أنه مع جريان الأصلين يجب عليه الاتيان بالعصر بمقتضى الأدلة في غير محله فإنه مع الاتيان بما هو المعلوم لا يبقى مجال لاحتمال وجوب شئ عليه، والفرض أنه ليس على ذمته إلا صلاة واحدة و قد أتى بها بلا ريب، والتحقيق ذلك وأما ما تقدم فمبني على مبان غير مرضية.
تنبيه لا بأس بالإشارة إلى أمر ربما ينتج في بعض المسائل الآتية، وهو أنه لا اشكال في عدم الفارق بين الظهرين، كما أنه لا اشكال في أنه لا حقيقة لهما إلا تلك الأجزاء من التكبيرة الافتتاحية إلى التسليم معتبرا فيها نحو وحدة واتصال، فالظهران متحدتا الحقيقة والصورة ودعوى أن لكل منهما حقيقة مختلفة مع صاحبتها في غير محلها.