وفيه أن الظاهر الذي لا ينبغي الريب فيه هو أن المراد من قوله: ترك التمام أنه أتى بالقصر مقام التمام جهلا. وبعبارة أخرى أن جملة تركه إلى آخره في مقابل أتم الصلاة تدل على أنه لو لم يتم رجل جهلا صحت صلاته. والأمر سهل بعد ضعفها.
ولو أتم المسافر ناسيا للحكم أو الموضوع فليعد في الوقت دون خارجه، و تدل عليه صحيحة العيص المتقدمة الشاملة باطلاقها للفرضين. بل لفرض ثالث أيضا وهو الاتيان تماما بحسب عادته وارتكازه من غير نسيان لا للحكم ولا للموضوع.
ولعل هذا الفرض أكثر اتفاقا. ولهذا شمول الرواية له أوضح، وأما رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام. قال: سألته عن الرجل ينسى فيصلي في السفر أربع ركعات، قال: إن ذكر في ذلك اليوم فليعد وإن لم يذكر حتى يمضي ذلك اليوم فلا إعادة عليه (1) المختصة بالنسيان سؤالا وجوابا فلا توجب صرف الصحيحة إلى النسيان ودعوى أن مساق الروايات هو النسيان في الموضوع فنسيان الحكم خارج عنها في غير محلها بعد اطلاق السؤال وعدم الاستفصال في الجواب وبعد ما سمعت أن الأكثر وقوعا هو الفرض الثالث، وكيف كان مقتضى الاطلاق هو التفصيل في الفروض المتقدمة ولا يعارضها صحيحة عبيد الله بن علي الحلبي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
صليت الظهر أربع ركعات وأنا في السفر، قال: أعد (2)، لأنها مطلقة تقيد بصحيحة العيص.
وقد يقال إن صحيحة الحلبي مخصوصة بالنسيان عن الموضوع لعلو شأنه عن الجهل بالحكم، وفيه - مضافا إلى أن عدم جهله بالحكم لا يوجب الاختصاص بالنسيان في الموضوع، لامكان السؤال عن الفرض الثالث المتقدم الذي هو أكثر وقوعا ولا ينافي وقوعه علو الشأن - أن الرواية إنما أرادوا السؤال عن الحكم الكلي من غير اختصاص بشخص أو ابتلائه به كقول زرارة في الصحيحة أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره