البناء العقلائي على عدم الاعتناء بالشك كي يقال: إن القاعدة عقلائية، فإن البناء العملي عليه غير ثابت، بل مجرد ذلك الارتكاز كاف في صرف الدليل إلى ما هو كذلك.
وعلى ذلك يمكن أن يقال: إن المتكلم لم يقيد الموضوع لاتكاله على هذا الارتكاز العقلائي، مع أن الشواهد الموجودة في الروايات تدل على أن القاعدة مجعولة لهذا المورد، كقوله عليه السلام: هو حين يتوضأ أذكر (1) وكان حين انصرف أقرب إلى الحق (2) وقوله عليه السلام: قد ركع (3) بل الناظر في الروايات سؤالا وجوابا يرى أن مورد الكلام هو هذا المورد بالخصوص دون الجاهل بالحكم والموضوع وسائر أنواع الشك والانصاف أن مدعى الانصراف بعد ما ذكر وبعد تلك الشواهد ليس مجازفا.
وقد ادعى بعض أهل التحقيق اطلاق الأدلة لجميع صور الشك، وقال في تقريبه: أن العمدة في حمل الأعمال الماضية على الصحيح هي السيرة القطعية، وأنه لولا ذلك لاختل النظام ولم يقم للمسلمين سوق، فضلا عن لزوم العسر والحرج إذ ما من أحد إذا التفت إلى أعماله الصادرة منه في الأعصار السابقة من عباداته ومعاملاته إلا ويشك في كثير منها لأجل الجهل بالحكم واقترانها بأمور موجب للشك، ولولا الحمل على الصحة مطلقا لضاق عليهم العيش، وهذا الدليل وإن كان لبيا يشكل استفادة العموم عنه، إلا أنه يعلم منه عدم انحصار الحمل على الصحيح بظاهر الحال، فيؤخذ بالاطلاق.
وفيه أن السيرة القطعية غير ثابتة لو لم نقل بأن عدمها ثابت، وعلى فرض الثبوت