المثال محكوم بالطهارة للاستصحاب وإن كان غافلا عن الحكم.
مع امكان أن يقال: إنه على فرض لزوم الالتفات إلى الاحتجاج، يصح ذلك عند الالتفات إلى الواقعة، ففي المثال لو التفت إلى حاله يجري الأصل، ويبني على صحة صلاته المأتي بها حال الغفلة، فإن الإعادة من قبيل نقض اليقين بالشك فتدبر.
ومنها أنه قد ظهر مما تقدم حال الشك في الشرائط والموانع والقواطع، فإن الشك في كل منها بعد التجاوز عن المحل لا يعتنى به، فلو شك بعد الصلاة في وجود الطهارة حدثية كانت أو خبثية لا يعتنى به ولو كان مجرى الاستصحاب، لكن لا بد من تحصيلها للصلوات الآتية، لما مر من أن قاعدة التجاوز محرزة من حيث، لا مطلقا وبذلك يفرق بينها وبين استصحاب الطهارة فإن الثاني محرز مطلق.
فما في بعض الكلمات من التحير في الفرق وأنه لو كانت القاعدة محرزة يجب ترتيب الآثار حتى في الصلوات اللاحقة كالاستصحاب ناشئ من عدم التأمل في الفرق بينهما، فإن مفاد دليل الاستصحاب عدم نقض اليقين بالشك، ومفاد دليل التجاوز عدم الاعتناء بالشك فيما مضى والبناء على الوجود بالنسبة إلى ما مضى، وعلى ذلك يكون الفرق واضحا.
ثم إن للشرط أقساما بحسب التصور، الأول: أن يكون شرطا لنفس الطبيعة كالطهور والاستقبال والستر، فإنها معتبرة في طبيعة الصلاة من غير لحاظ الأجزاء، ولهذا تبطل الصلاة لو أخل بها حال عدم الاشتغال بالأجزاء، فلو أحدث حال النهوض إلى القيام أو استدبر أو ألقى الستر عمدا بطلت، فما في بعض الكلمات من أن تلك الشروط للصلاة حال الاشتغال بالأجزاء غير وجيه، لأن لازمه الالتزام بالصحة في المثال المذكور، وهو كما ترى.
الثاني: أن يكون شرطا للصلاة حال الاشتغال بالأجزاء، الثالث: أن يكون شرطا للأجزاء نفسها، والاستقرار والاستقلال وكذا الجهر والاخفات يمكن أن يكون من قبيل الثاني، كما يمكن أن يكون من قبيل الثالث، كما أن الانحناء في الركوع زائدا على مقدار تحقق الطبيعة من قبيل الثالث.