إثبات أصل حقيقة العلم والقدرة له تعالى. وقوله عليه السلام: " لا معلوم ولا مقدور " راجع إلى إثبات العلم والقدرة وغناه تعالى في علمه وقدرته الذاتيان عن المعلوم والمقدور. فلا محالة يكون المعلوم والمقدور الواقعان في طول العلم والقدرة منفيين أزلا.
وروى الصدوق مسندا عن محمد بن عرفة [عروة] قال: قلت للرضا عليه السلام: خلق الله الأشياء بالقدرة أم بغير قدرة؟ فقال عليه السلام:
لا يجوز أن يكون خلق الأشياء بالقدرة. لأنك إذا قلت: خلق الأشياء بالقدرة، فكأنك قد جعلت القدرة شيئا غيره وجعلتها آلة له بها خلق الأشياء. وهذا شرك. وإذا قلت: خلق الأشياء بغير قدرة، فإنما تصفه أنه جعلها باقتدار عليها وقدرة ولكن ليس هو بضعيف ولا عاجز ولا محتاج إلى غيره، بل هو سبحانه قادر لذاته لا بالقدرة. (1) أقول: صرح - عليه السلام - بإبطال ما يتوهم من أن القدرة زائدة على ذاته سبحانه. ثم قدسه نزهه عن الضعف والعجز والاحتياج. ثم مجده تعالى باقتداره وقدرته الذاتية وهو الكمال الذاتي بالضرورة، فلا يجوز سلبه عن الذات كي تتصف بالعجز. ولا يجوز تأويله إلى العلم وانتزاع القدرة منه.
وروى أيضا مسندا عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال:
لما صعد موسى عليه السلام الطور فنادى ربه عز وجل قال: يا رب أرني خزائنك؟ فقال: يا موسى إنما خزائني إذا أردت شيئا أن أقول له:
كن، فيكون. (2) أقول: في الرواية الشريفة تصريح ودلالة على أن الخزائن ليست موجودة معه تعالى في الأزل وقدرته تعالى على إيجادها فعلية في شدة غير متناهية مع عدم فعلية