قدرته مندرجة تحت إحدى المقولات، بل هي كون ذاته تعالى بذاته بحيث يصدر عنه الموجودات لأجل علمه بنظام الخير. فإذا نسب إليه الممكنات من حيث إنها صادرة عن علمه، كان علمه بهذا الاعتبار قدرة. وإذا نسب إليه من حيث إن علمه كاف في صدورها عنه، كان علمه بهذا الاعتبار قدرة ". (1) وقال أيضا: " القوة الفعلية قد تسمى قدرة. وهي إذا كانت مع شعور ومشية، سواء كان الفعل منها دائما من غير تخلف أو لا.... وأما من فسر القادر بمن يصدر عنه الفعل بشعور وإرادة، فمن فعل بمشية - سواء كانت المشية لازما لذاته أو غير لازم - فهو عنده قادر مختار صادق عليه أنه إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، سواء اتفق عدم المشية أو استحال. وصدق الشرطية غير متوقف على صدق طرفيها، ولا من شرط صدقها أن يكون هناك استثناء بوجه من الوجوه ". (2) أقول: قد تقدم في بحث المشية أن الإرادة فعل لله سبحانه في مرتبة متأخرة عن المشية التي هو ابتداء فعله سبحانه، وبها يتعين الفعل، ثم بالإرادة، ثم بالتقدير، ثم بقضائه تعالى وحكمه يقع ما يقع على التفصيل الذي ذكرناه. هذا أولا.
وثانيا: إن القول بأن القدرة فينا هي بعينها القوة غير صحيح. لأن القدرة فينا أمر عيني لا يمكن أن يكون الفاعل فاعلا إلا به، بل يتوقف تأثير القوة على إعمال القدرة. وهي التمكن التام والمالكية والاقتدار على الفعل والترك. وهي نور مجرد يفاض على روح الإنسان المظلمة الميتة بذاتها، فيملك الإنسان هذه الموهبة الإلهية بتمليكه تعالى ملكا حقيقيا. وهذه المالكية إنما تكون بتمليكه تعالى وفي طول مالكيته سبحانه. فهو تعالى في مرتبة مالكية العبد أملك بها وغير منعزل عنها. وقد يعبر عن هذه القدرة في بعض الروايات بالاستطاعة أيضا. فإذا وجدها الإنسان، يصير بها حيا شاعرا مستطيعا ويقتدر بها على الفعل والترك