مبطلا فيورد عليك باطلا، فلا ترده بحجة قد نصبها الله، ولكن تجحد قوله أو تجحد حقا يريد بذلك المبطل أن يعين باطله، فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجة، لأنك لا تدري كيف المخلص منه.
فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين. أما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته وضعف في يده، حجة له على باطله. وأما الضعفاء منكم فتغم قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل.
وأما الجدال بالتي هي أحسن، فهو ما أمر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحياءه له. فقال الله له حاكيا عنه:
وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم فقال الله تعالى في الرد عليه: قل [يا محمد] يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون. (1) إلى آخر السورة. فأراد الله من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال: كيف يجوز أن يبعث هذه العظام وهي رميم؟! فقال الله تعالى قل يحييها الذي أنشأها أول مرة. أفيعجز من ابتدأ به لا من شئ أن يعيده بعد أن يبلى؟! بل ابتداءه أصعب عندكم من إعادته!... (2) وروى المجلسي عن الكشي مسندا عن الطيار قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: بلغني أنك كرهت مناظرة للناس.
فقال: أما كلام مثلك فلا يكره. من إذا طار يحسن أن يقع وإن وقع يحسن أن يطير، فمن كان هكذا لا نكرهه. (3)