إله ما خلقه من خلقه من حيث تدبيره في خلقه وتصرفه في كل شأن من شؤونه إيجادا وإبقاءا وتدبيرا وإصلاحا وغير ذلك. وذكروا أيضا وقوع التغالب والتمانع بينهما بمعنى عدم المانع التكويني لمن يريد الغلبة منهما، فاتصال التدبير وانتظام العالم دليل وشاهد على عدم التمايز والتغالب والتمانع.
والآية الكريمة لا تأبى عن انطباقها على برهان التمانع الذي أوردناه عن المجمع في تفسير قوله تعالى: لو كان فيها آلهة.... وأما كون الغرض المسوق له الآية هو برهان التمانع، فغير معلوم، لإمكان أن يقال: إن من شأن القادر المطلق بالذات أن يكون مالكا وقادرا على الإله الذي في مقابله وعلى جميع ما يقدر عليه ويملكه.
وإن لم يكن قادرا ومالكا عليه، فليس بقادر ومالك على الإطلاق. فيكون دليلا قطعيا على توحيد صانع العالم ونفي الآلهة الأخرى دونه جل ثناؤه.
قال الطبرسي: " وما كان معه من إله ". " من " هاهنا وفي قوله: " من ولد " مؤكدة. فهو آكد من أن يقول: ما اتخذ الله ولدا وما كان معه إله. نفى عن نفسه الولد والشريك على آكد الوجوه. إذا لذهب كل إله بما خلق. والتقدير: إذ لو كان معه إله آخذ، لذهب كل إله بما خلق، أي: لميز كل إله خلقه عن خلق غيره ومنعه من الاستيلاء على ما خلقه، أو نصب دليلا يميز به بين خلقه وخلق غيره. فإنه كان لا يرضى أن يضاف خلقه وإنعامه إلى غيره. ولعلا بعضهم على بعض، أي: ولطلب بعضهم قهر بعض ومغالبته. وهذا معنى قول المفسرين: ولقاتل بعضهم بعضا كما يفعل الملوك في الدنيا. وقيل: معناه: ولمنع بعضهم بعضا عن مراده. وهو مثل قوله: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا. وفي هذا دلالة عجيبة في التوحيد وهو أن كل واحد من الآلهة من حيث يكون إلها، يكون قادرا لذاته فيؤدي إلى أن يكون قادرا على كل ما يقدر عليه غيره من الآلهة، فيكون غالبا ومغلوبا من حيث إنه قادر لذاته. وأيضا فإن من ضرورة كل قادرين صحة التمانع بينهما. فلو صح وجود إلهين، صح التمانع