يا من هو في علوه قريب... يا من دنا في علوه، يا من علا في دنوه. (1) بيان: قد اتضح من جميع ما ذكرنا، أن الفرق بين أوردناه من الروايات الدالة على أن توحيده تعالى هي المباينة مع الخلق بالبينونة الصفتية، وبين ما أوردناه أيضا أن الله خلو من خلقه وخلقه خلو منه، وبين ما أوردناه آنفا من أن الله سبحانه قريب في بعده وبعيد في قربه، فإن الطائفة الأولى مسوقة لبيان مباينته تعالى عن جميع خلقه بالبينونة الصفتية وأنه لا مشاركة بينه تعالى وبين ما سواه في شئ من الأحكام والنعوت حتى العناوين والوجوه العامة. والطائفة الثانية مسوقة لتقديسه تعالى وتنزيهه وعدم تنزله عن مقام الألوهية القدسية إلى مرتبة الخلق المحدود وكذلك نفي تشبيهه تعالى بشئ من نعوت خلقه. والطائفة الثالثة مسوقة للتمجيد والتنزيه.
وقوله عليه السلام: " قريب في بعده "، أي: إنه سبحانه قريب من حيث إحاطته وسلطانه على جميع ما سواه علما وقدرة.
وقوله عليه السلام: " بعيد في قربه "، أي إنه سبحانه في عين أنه قريب، متعال عن البعد المكاني. ويؤيد ذلك قوله عليه السلام: يا من دنا في علوه، يا من علا في دنوه.