إنك من أصحاب النار. (1) قال ابن منظور: " خلوك الله مالا، أي: ملكك... وخوله المال: أعطاه إياك ". (2) واضح أن هذه الآيات الكريمة صريحة في أن المضطر عند هجوم الكربات عليه، يستغيث به تعالى ويلتجئ إليه ويناجيه أن ينجيه منها ليكون من الشاكرين.
وفيها توبيخ بأنه يعود بعد التذكر به تعالى إلى الغفلة وبعد التوحيد إلى الشرك. وهذه الآيات بالنسبة إلى المضطر مطلقة وبعضها صريحة في شمولها للمضطرين من الملحدين والكافرين أيضا.
فالإنسان المضطر عند الاضطرار يرتفع الغفلة والنسيان عنه بالنسبة إلى ساحة ربه تعالى، فيعرف تعالى نفسه إلى عبده فضلا وإحسانا، فيعرف العبد ربه بالحقيقة خارجا عن حد التعطيل والتشبيه ويعرفه تعالى بالوحدانية أيضا. وهذه المعرفة بعينها جارية في جميع نعوته سبحانه، سواء كانت نعوتا ذاتية مثل العليم والقدير والحي، أو فعلية مثل الخالق والرزاق والقاهر والباطش. فعلى عهدة الباحث والمفسر معرفة جميع الآيات الواردة المسوقة بالإرشاد إلى كل واحد من هذه النعوت الجميلة الجليلة. وكذلك الكلام بعينه عند سوق العبد إلى الآيات والتفكر والتعقل فيها.
وهذه المعرفة ليست على سبيل العلم الحصولي والجزم بوجوده تعالى وتصوره سبحانه بالوجوه العامة، ولا على سبيل العلم الحضوري كي يكون سبحانه معروفا بهذا العلم ومحاطا به. بل الظاهر أن مرجع هذا التعريف والبيان هو ظهوره الذاتي من حيث وجوده سبحانه وجميع نعوته تعالى وحيث إنه تعالى لأحد ولا نهاية لظهوره، فيعرف تعالى نفسه إلى عباده على حسب ما شاءه ويريده من