بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون. (1) ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون. (2) ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم * الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون. (3) بيان: هذه الآيات الكريمة فيها شهادة ودلالة على أن الله سبحانه احتج على الناس وأخذهم بالإقرار على بداهة صنعه وصنيعه تعالى، والإقرار والإيمان على وجوده وتوحيده، وأخذهم أيضا بالإقرار والإيمان على توحده سبحانه في هذه النعوت الجليلة من مالكيته تعالى على السماوات والأرض وربوبيته، أي إتقانه خلق السماوات والأرض، وإحكامه نظمها وجودة صنعها بحيث يتحير فيه العقول والألباب ولا يتمكن أحد أن يدعي أن في هذا الخلق الكبير المتقن فائتة أو ضائعة، وأخذهم بأحكام عقولهم من وجوب التسليم والتذكر ووجوب رعاية احترامه سبحانه والاتقاء منه تعالى. فلا محيص ولا مخلص لهم من الإقرار بالله والشهادة للحق بالحق. ولا يجوز لهم أن يخدعوا أنفسهم بالإنكار والمغلطة في مقابل الحق المبين.
فإن قلت: إن ظاهر الآيات أن الاحتجاج والتوبيخ على إنكار الوحدانية.
قلت: لا بأس. فإن إنكار التوحيد من الكفار هو عين إنكار معرفة الله سبحانه وتوحيده. فيتم الاستدلال بهذه الآيات على أن الكفار يعرفون الله وتوحيده وإنما ينكرونه عن معرفة وعيان.