والباطن في أسمائه سبحانه هو المنزه القدوس المنيع عن التصور والتوهم والتعقل بالأوهام والأفكار والعقول. فهو سبحانه في عين ظهوره باطن ومصداق للباطن، وفي عين بطونه ظاهر ومصداق للظاهر، بخلاف الظاهر والباطن في أسماء الخلق. فإن الظاهر منه بالحواس والأفكار غير باطن، والباطن المستور عن الحواس والأفكار باطن غير ظاهر. قال علي عليه السلام كل ظاهر غيره غير باطن. وكل باطن غيره غير ظاهر. (1) وفي سياق هذا المعنى ما أفاده عليه السلام:
ظاهر لا برؤية. وباطن لا بلطافة. (2) بيان: قوله عليه السلام: " ظاهر لا برؤية "، أي: هو الذي ظاهر بظهوره الذاتي للعقول والقلوب. فلا محالة تعرفه القلوب بتعريفه تعالى نفسه إليها بحقيقة الإيمان والعيان خارجا عن الحدين.
وقوله عليه السلام: " باطن لا بلطافة "، أي: ليس هذا الباطن مما يدركه الحواس من الأجسام، بل يسمى باطنا من حيث إنه أجل وأعلى وأمنع عن إحاطة العلوم والعقول والأفهام والأوهام به. وهذا الباطن بعينه ظاهر ومصداق للظاهر، كما أن الظاهر أيضا باطن بعينه ومصداق للباطن.
روى الكليني عن العدة مسندا عن أحمد بن محسن الميثمي قال: كنت عند أبي منصور المتطبب فقال: أخبرني رجل من أصحابي قال: كنت أنا وابن أبي العوجاء وعبد الله بن المقفع في المسجد الحرام. فقال ابن المقفع: ترون هذا الخلق؟ (وأومأ بيده إلى موضع الطواف.) ما منهم أحد أوجب له اسم الإنسانية إلا ذلك الشيخ الجالس.
(يعني أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام.) فأما الباقون فرعاع وبهائم.
فقال له ابن أبي العوجاء: وكيف أوجبت هذا الاسم لهذا الشيخ دون هؤلاء؟