و " لعل " من الله إيجاب لما تدخل عليه، فيدل قوله تعالى: لعلكم تهتدون. (1) على وجوب الاهتداء على الإطلاق. وكذلك نظائره من التعقل والتفكر والتذكر والشكر وغيرها من الموارد التي تدخل عليها " لعل ".
قوله تعالى: إنما أنت مذكر.
أي: إن من شؤونك الخطيرة تنبيه المترفين والغافلين والإيقاظ عن نعسة المخذولين وسكرة المتهاونين. وظاهر الآية الكريمة حصر شؤونه صلى الله عليه وآله في التذكرة. والحصر إضافي بالنسبة إلى قوله تعالى: لست عليهم بمصيطر، أي: بمتسلط.
فإن الهداية التكوينية بيده سبحانه يهدي من يشاء إلى الصراط المستقيم.
قال تعالى:
إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين. (2) والسر في ذلك أنه تعالى ذكرهم فأعرضوا عن الذكر ولم يقبلوا، فلا محالة يخذلهم الله تعالى، فلا يكلمهم ويكلهم إلى أنفسهم. قال تعالى:
لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي. (3) الآية الكريمة صريحة في أن رسول الله صلى الله عليه وآله لا يمكن له إجبار الناس على المعرفة التكوينية وقد تبين الرشد من الغي. فحرمانهم عن المعرفة إنما هو جزاء بما كسبوا على أنفسهم من إعراضهم عن التذكرة. فعليه يكون قوله تعالى: إلا من تولى وكفر استثناء منقطعا عن التذكرة التكوينية. فيكون المعنى: من أعرض عن التذكرة، يكون محروما عن معرفته تعالى. وأما التذكرة التشريعية، فهو صلى الله عليه وآله مذكر على الإطلاق، سواء تذكروا أو أعرضوا.
ومن جميع ما ذكرنا تبين أن هذه الآيات مرتبطة بما تقدم من الآيات المذكرة