صافية نقية ليس فيها صدع ولا ثقب. وذلك قوله: السماء بناها * رفع سمكها فسواها * وأغطش ليلها وأخرج ضحاها. قال: ولا شمس ولا قمر ولا نجوم ولا سحاب. ثم طواها فوضعها فوق الأرض. ثم نسب الخليقتين فرفع السماء قبل الأرض. فذلك قوله عز ذكره: والأرض بعد ذلك دحاها يقول: بسطها. (1) قال تعالى:
أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون. (2) ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين * فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم. (3) فالمتحصل في المقام أن محل العبرة وموضع الاستبصار إنما هو أنه تعالى كيف خلق السماء ورفع سمكها وسواها - أي: أتم خلقها - سبحانه من إله ما أحسن صنعها.
وما أتقن سمكها وكيف أحسن لونها بحيث يسر الناظرون عند النظر إليها؟! وكيف زينها بالكواكب المضيئة والنجوم الثاقبة! أفلا ينظرون إلى هذه النجوم وكثرتها واختلاف ألوانها المبهجة وأنوارها المضيئة وكيف يسيرون ويسبحون في فلك طبق التقدير العلمي الحكمي ولم يصادم بعضها بعضا ولم يقع اصطكاك بينها؟! وهي سامعة مطيعة لأمر ربها، وقدر سبحانه في هذه السماء سراجا مضيئا وقمرا منيرا.
أنظر وتبصر بعين بصيرتك هل تجد فيها فائتة أو ضائعة؟! وهل ترى فيها ثقبا أو فرجة؟ فتكل فكرك ويدهش عقلك ويرجع بصرك خاسئا حسيرا معترفا بأنه