ولا يمكن أن نصدق أن موقف عمر كان وليد ساعته عندما سمع رجلا يقرأ الآية في الطريق! فهذه الضربة (الفنية) للأنصار لابد أنها كانت مدروسة حاضرة عنده، وقد يكون هو الذي دبر رجلا ليقرأها ويقول أقرأنيها أبي بن كعب، ليكون ذلك سببا لذهاب عمر إليه ليناقشه فيها لعله يقبل معه!! بل لابد أن الموضوع كان مطروحا مرات مع خاصته في دار الخلافة، ومع أبي نفسه، وأن ذلك أثار الأنصار فأعلنوا نفيرهم من أجلها، كما أتذكر أني قرأت!
أما زيد بن ثابت، الأنصاري أما اليهودي أبا، فقد سلم لعمر (فقال زيد: أمير المؤمنين أعلم). ولو وقف في وجهه ولم يخش سطوته لربح المعركة، لأن كل الأنصار سيقفون إلى جانبه، ويؤيدهم أهل البيت عليهم السلام، ولكن زيدا ضعيف الشخصية!
لكن أبي بن كعب رحمه الله مع أنه يخاف سطوة عمر ويداريه كثيرا، فقد وقف في وجهه لأنه حافظ للقرآن، وأكبر سنا من عمر، ومن صحابة النبي صلى الله عليه وآله المقربين، والمسألة تمس كيان الأنصار!
وقد دافع الشوكاني عن عمر بأن المسألة اشتباه رجع عنه عمر عندما شهد له أبي! لكن بماذا يفسر تأكيد عمر وشهادته أن الآية نزلت بدون واو؟!
قال عمر: (أشهد أن الله أنزلها هكذا. ابن شبة: 2 / 707)!
فإذا كان قوله هذا اجتهادا من عنده لأن مكانة قريش برأيه عند الله أعلى من مكانة الأنصار، فهو جرأة على تحريف كتاب الله!!
وإن كان صادقا في شهادته فلماذا تراجع بمجرد شهادة أبي وتأكيده؟! ولماذا لم يقل لأبي إن شهادتك في مقابل شهادتي، فلنرجع إلى شهادات الصحابة؟!