فقال عمر بن الخطاب: اللهم غفرا، إنا لنعلم أن الله قد جعل عندك علما فعلم الناس ما علمت). انتهى.
وأحيانا كانت تشتد المواجهة فيصر عمر على رأيه، ويوبخ أبيا ولا يقبل منه، ويأمر المسلمين بكتابة المصحف على ما يقوله هو، وأن يمحوا ما يقوله أبي! الخ. ففي تاريخ المدينة: 2 / 711: (عن خرشة بن الحر قال: رأى معي عمر بن الخطاب لوحا مكتوبا فيه: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله، فقال: من أملى عليك هذا؟ قلت أبي بن كعب، فقال إن أبيا كان أقرأنا للمنسوخ، إقرأها: فامضوا إلى ذكر الله!). (وفي الدر المنثور: 6 / 219: عن أبي عبيد في فضائله، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن الأنباري في المصاحف. وقراءة عمر في البخاري: 6 / 63) وروى البيهقي: 3 / 227 (عن سالم، عن أبيه قال: ما سمعت عمر بن الخطاب يقرؤها إلا: فامضوا إلى ذكر الله... أنبأ الشافعي، أنبأ سفيان بن عيينة، فذكره بنحوه).
والسبب في إصرار عمر على تحريف نص القرآن أن كلمة (السعي) في الآية مشتركة بين السعي المعنوي والمادي! لكنها في ذهن عمر تعني الركض! وبما أن المطلوب لصلاة الجمعة هو المضي والذهاب وليس الركض فلا يصح التعبير بالسعي! فلا بد أن تكون نزلت من عند الله: فامضوا، وأن (فاسعوا) اشتباه من النبي صلى الله عليه وآله أو جبرئيل عليه السلام!!
وعندما يجتهد عمر ويضع في رأسه شيئا، يغيب عنه أن النبي صلى الله عليه وآله أمر المسلمين أن يأخذوا القرآن من أبي بن كعب، وليس من عمر!
ويبدو أن هذا المعنى العمري للسعي كان موجودا في أذهان بعضهم، ففي