نعم، قال فأرسل معي رسولا قال: إذهب معه إلى أبي بن كعب فانظر يقرأ أبي كذلك؟ قال فانطلقت أنا ورسوله إلى أبي بن كعب، قال فقلت: يا أبي قرأت آية من كتاب الله فناداني من بعدي عمر بن الخطاب: أتبع ابن عباس، فقلت أتبعك على أبي بن كعب، فأرسل معي رسوله، أفأنت أقرأتنيها كما قرأت؟ قال أبي: نعم. قال فرجع الرسول إليه فانطلقت أنا إلى حاجتي، قال: فراح عمر إلى أبي فوجده قد فرغ من غسل رأسه ووليدته تدري لحيته بمدراها، فقال أبي: مرحبا يا أمير المؤمنين أزائرا جئت أم طالب حاجة؟ فقال عمر بل طالب حاجة، قال فجلس ومعه موليان له حتى فرغ من لحيته، وأدرت جانبه الأيمن من لمته، ثم ولاها جانبه الأيسر، حتى إذا فرغ أقبل إلى عمر بوجهه فقال: ما حاجة أمير المؤمنين؟
فقال عمر: يا أبي على ما تقنط الناس؟
فقال أبي: يا أمير المؤمنين إني تلقيت القرآن من تلقاء جبريل وهو رطب. فقال عمر: تا الله ما أنت بمنته وما أنا بصابر، ثلاث مرات، ثم قام فانطلق!).
ولم تذكر الرواية الآية، وكيف أن قراءة أبي لها تقنيط للناس، وقراءة عمر تأميل لهم بالجنة! وقد تكون مثل توسيعاته المتقدمة للشفاعة! لكنه غضب من إصرار أبي، وأعلن أنه لن يصبر عليه بعد اليوم! وما أنا بصابر !!
فهل كان عمر يفكر بحبس شيخ القراء المشهود له من النبي صلى الله عليه وآله؟ كلا، بل قرر أن يمنعه من تعليم المسلمين القرآن وتصحيح قراءتهم بالوسيلة العمرية المفضلة، وهي السوط على رأس ووجه أكبر شيبة في الأنصار، وأكبر حفظة القرآن بشهادة الخليفة! على باب مسجد النبي صلى الله عليه وآله أو داخل المسجد، على مرأى جماعته ومسمعهم! وهكذا نفذ خليفة النبي وصية