ولكن زيدا كان مدعوما من السلطة فهو لا يخشى كلام ابن عباس، بل يرد عليه ويتهمه بأنه مثله يقول بالظن والاحتمال! قال الدارمي في سننه: 2 / 346: (عن عكرمة قال أرسل ابن عباس إلى زيد بن ثابت: أتجد في كتاب الله للأم ثلث ما بقي؟ فقال زيد: إنما أنت رجل تقول برأيك وأنا رجل أقول برأيي)!!
ولذلك كان الإمام الباقر عليه السلام يجهر بإدانة أحكام زيد في المواريث:
روى الكليني في الكافي: 7 / 407: أنه قال: (الحكم حكمان حكم الله وحكم الجاهلية، وقد قال الله عز وجل: أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون. واشهدوا على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية!). انتهى.
هذا هو علم زيد بن ثابت الذي جعله عمر أمينا على مشروع جمعه للقرآن وقربه وأحبه! بينما أقصى أهل البيت عليهم السلام والصحابة الكبار، ثم اتبعوا سنة عمر فسموه حبر الأمة! ووضعوا له المدائح على لسان النبي صلى الله عليه وآله ومنها أنه أعلم الأمة بالحساب والرياضيات!!
قال ابن حجر في تهذيب التهذيب: 3 / 345: (وقال أبو هريرة يوم مات زيد: مات اليوم حبر الأمة وعسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفا). انتهى.
بل وضعوا في مدح علمه أحاديث على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله!!
قال أحمد: 3 / 281: (عن أنس بن مالك عن النبي (ص) قال: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر. وقال عفان مرة: في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأفرضهم زيد بن ثابت...)! (راجع كشف الخفاء للعجلوني: 1 / 108 وتصحيح بعضهم له! وأصل الحديث: أقضى أمتي علي، فزادوا فيه ونقصوا منه!!).